للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٢٢) ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (آل عمران/ ٧٦) ، وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (آل عمران/ ١٤٦) ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (آل عمران/ ١٥٩) ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (المائدة/ ٤٢) .

إنّ الإنسان إذا أحبّ لأخيه ما يحبّه لنفسه جاهد نفسه وطرح عنها مطامع النّفس الأمّارة بالسّوء وحبّها للكنز والتّكاثر وما يجلبه ذلك من مذموم الأخلاق من طمع وكبر وحسد وظلم وغيرها من الصّفات السّالبة لمكارم الأخلاق ومحمودها واستبدل عوضا عنها الحبّ في الله ورسوله والإيثار والكرم والجود والسّخاء بالمال والتّواضع وأثراها بالإنفاق والزّكاة، والصّدقة والجهاد، وغذّاها بالإحسان والرّحمة والشّفقة والرّأفة والعفو والرّفق والوفاء والتّناصر والمداراة والسّتر، وتوّجها بالعدل والقسط والأمانة والصّدق. ويك ألم نعلّم السّبيل إلى ذلك كلّه وهو مدوّن في كتاب الله عزّ وجلّ؟ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ (آل عمران/ ١٣١) .

أو لم نعلم حديث الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم «ما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه» . وقال عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- «أفضل الأعمال أداء ما افترض الله تعالى والورع عمّا حرّم الله تعالى وصدق النّيّة فيما عند الله تعالى» «١» .

[أدب الحوار والمناظرة في الدعوة إلى الله:]

الحوار في اللّغة مصدر حاوره إذا راجعه في الكلام وجاوبه «٢» ، قال تعالى: قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ (الكهف/ ٣٧) : أي يراجعه في الكلام ويجاوبه «٣» .

أمّا في الاصطلاح: فالمراد به كما قال المناويّ:

هو المراودة في الكلام «٤» : أي الأخذ والعطاء فيه، وهذا قريب من معنى المناظرة الّتي يراد بها النّظر بالبصيرة من الجانبين المتحاورين في النّسبة بين الشّيئين إظهارا للصّواب «٥» ، وكلاهما أي الحوار والمناظرة جدال بالّتي هي أحسن.

وإذا كان الإسلام قد رفض المراء وتوعّد الممارين «٦» فإنّه أمر بالحوار سبيلا للوصول إلى الحقّ وتبيّن الرّأي السّديد؛ لأنّ ذلك كما يقول الإمام الغزاليّ: تعاون على طلب الحقّ- وهو من الدّين- شريطة أن يتحلّى المتحاورون بما يلي:

١- ألّا يشتغل به- وهو من فروض الكفايات- من لم يتفرّغ من فروض الأعيان.

٢- ألّا يرى المناظر (أو المحاور) فرض كفاية آخر أهمّ منه في وقته ومكانه.

٣- أن يكون المحاور أو المناظر يفتي برأيه لا بمذهب فلان أو فلان.

٤- أن يكون الحوار أو المناظرة في مسألة واقعة أو قريبة الوقوع لأنّ الصّحابة- رضوان الله عليهم- ما تشاوروا إلّا فيما تجدّد من الوقائع أو ما يغلب وقوعه.


(١) أدب الدنيا والدين للماوردي (٢٢٦) .
(٢) لسان العرب (٤/ ٢١٨) (ط. بيروت) .
(٣) انظر تفسير القرطبي (١٠/ ٤٠٣) .
(٤) التوقيف على مهمات التعاريف (١٤٨) .
(٥) المرجع السابق (٣١٦) .
(٦) انظر صفة الجدال والمراء (ج ٩ ص ٤٣٣٨) من هذه الموسوعة.