للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحد منهما صاحبه عن شيء حتّى أصبح، ثمّ احتمل قريبته «١» وزاده إلى المسجد فظلّ ذلك اليوم، ولا يرى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حتّى أمسى. فعاد إلى مضجعه، فمرّ به عليّ فقال: ما أنى «٢» للرّجل أن يعلم منزله؟

فأقامه. فذهب به معه. ولا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء. حتّى إذا كان يوم الثّالث فعل مثل ذلك.

فأقامه عليّ معه، ثمّ قال له: ألا تحدّثني؟ ما الّذي أقدمك هذا البلد؟. قال: إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدنّي فعلت، ففعل. فأخبره. فقال: فإنّه حقّ، وهو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإذا أصبحت فاتّبعني، فإنّي إن رأيت شيئا أخاف عليك، قمت كأنّي أريق الماء. فإذا مضيت فاتّبعني حتّى تدخل مدخلي، ففعل، فانطلق يقفوه «٣» حتّى دخل على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ودخل معه، فسمع من قوله، وأسلم مكانه. فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ارجع إلى قومك فأخبرهم حتّى يأتيك أمري» فقال: والّذي نفسي بيده لأصرخنّ بها «٤» بين ظهرانيهم «٥» ، فخرج حتّى أتى المسجد. فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّدا رسول الله ... الحديث) * «٦» .

٦-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: ما قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الجنّ وما رآهم....-

الحديث وفيه- «فلمّا سمعوا القرآن استمعوا له.

وقالوا: هذا الّذي حال بيننا وبين خبر السّماء، فرجعوا إلى قومهم فقالوا: يا قومنا. إنّا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرّشد فآمنّا به، ولن نشرك بربّنا أحدا، فأنزل الله- عزّ وجلّ- على نبيّه محمّد صلّى الله عليه وسلّم: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ «٧» » ) * «٨»

٧-* (عن العرباض بن سارية- رضي الله عنه- قال وعظنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إنّ هذه موعظة مودّع، فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: «أوصيكم بتقوى الله، والسّمع والطّاعة وإن عبد حبشيّ «٩» ؛ فإنّه من يعش منكم ير اختلافا كثيرا، وإيّاكم ومحدثات الأمور فإنّها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديّين، عضّوا عليها بالنّواجذ) * «١٠» .


(١) قريبته: على التصغير، وفي بعض النسخ: قربته، بالتكبير، وهي الشنة المذكورة قبله.
(٢) ما أنى: وفي بعض النسخ: آن، وهما لغتان، أي ما حان، وفي بعض النسخ: إما بزيادة ألف الاستفهام، وهي مرادة في الرواية الأولى، ولكن حذفت.
(٣) يقفوه: أي يتبعه.
(٤) لأصرخن بها: أي لأرفعن صوتي بها.
(٥) بين ظهرانيهم: أي بينهم، وهو بفتح النون، ويقال: بين ظهريهم.
(٦) مسلم (٢٤٧٤) .
(٧) الجن: الآية ١.
(٨) البخاري- الفتح ٨ (٤٩٢١) ، ومسلم (٤٤٩) واللفظ له
(٩) أي وإن تأمّر عليكم عبد حبشي.
(١٠) الترمذي (٢٦٧٦) ، واللفظ له وقال: حديث حسن صحيح، وصحيح سنن الترمذي (٢١٥٧) وأبو داود (٤٦٠٧) ، وابن ماجة في المقدمة ص (٤٢) .