للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتحاماه النّاس أن ينزل بأوّل النّاس يصعد فيه أمر من السّماء. حتّى صعده رجل فألقى منه حجارة. فلمّا لم يره النّاس أصابه شيء تتابعوا. فنقضوه حتّى بلغوا به الأرض. فجعل ابن الزّبير أعمدة. فستّر عليها السّتور. حتّى ارتفع بناؤه. وقال ابن الزّبير: إنّي سمعت عائشة تقول: إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لولا أنّ النّاس حديث عهدهم بكفر. وليس عندي من النّفقة ما يقوّي على بنائه- لكنت أدخلت فيه من الحجر خمس أذرع، ولجعلت لها بابا يدخل النّاس منه، وبابا يخرجون منه» . قال: فأنا اليوم أجد ما أنفق. ولست أخاف النّاس. قال: فزاد فيه خمس أذرع من الحجر.

حتّى أبدى أسّا «١» نظر النّاس إليه. فبنى عليه البناء، وكان طول الكعبة ثماني عشرة ذراعا. فلمّا زاد فيه استقصره فزاد في طوله عشر أذرع، وجعل له بابين أحدهما يدخل منه، والآخر يخرج منه. فلمّا قتل ابن الزّبير كتب الحجّاج إلى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك، ويخبره أنّ ابن الزّبير قد وضع البناء على أسّ نظر إليه العدول من أهل مكّة. فكتب إليه عبد الملك:

إنّا لسنا من تلطيخ ابن الزّبير «٢» في شيء. أمّا ما زاد في طوله فأقرّه، وأمّا ما زاد فيه من الحجر فردّه إلى بنائه.

وسدّ الباب الّذي فتحه. فنقضه وأعاده إلى بنائه) * «٣» .

٣-* (قال ابن أبي جمرة- رحمه الله تعالى-:

«الاستخارة في الأمور المباحة وفي المستحبّات إذا تعارضا في البدء بأحدهما، أمّا الواجبات وأصل المستحبّات والمحرّمات والمكروهات كلّ ذلك لا يستخار فيه» ) * «٤» .

٤-* (وقال أيضا: «الحكمة في تقديم الصّلاة على دعاء الاستخارة: أنّ المراد حصول الجمع بين خيري الدّنيا والآخرة فيحتاج إلى قرع باب الملك، ولا شيء لذلك أنجع ولا أنجع من الصّلاة لما فيها من تعظيم الله والثّناء عليه والافتقار إليه مآلا وحالا» ) * «٥» .

٥-* (قال الطّيبيّ- رحمه الله تعالى-: «سياق حديث جابر في الاستخارة يدلّ على الاعتناء التّامّ بها» ) * «٦» .

٦-* (قال بعض أهل العلم: «من أعطي أربعا لم يمنع أربعا: من أعطي الشّكر لم يمنع المزيد، ومن أعطي التّوبة لم يمنع القبول، ومن أعطي الاستخارة لم يمنع الخيرة، ومن أعطي المشورة لم يمنع الصّواب» ) * «٧» .

٧-* (قال بعض الأدباء: «ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار» ) * «٨» .


(١) حتى أبدى أسا: أي حفر من أرض الحجر ذلك المقدار إلى أن بلغ أساس البيت الذي أسس عليه إبراهيم عليه السلام حتى أرى الناس أساسه. فنظروا إليه فبنى البناء عليه.
(٢) إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير: يريد بذلك سبه وعيب فعله يقال: لطخته، أي رميته بأمر قبيح. يعني إنا برآء مما لوثه بما اعتمده من هدم الكعبة.
(٣) مسلم (١٣٣٣) .
(٤) الفتح (١١/ ١٨٨) بتصرف.
(٥) المرجع السابق (١١/ ١٨٩) بتصرف.
(٦) المرجع السابق (١١/ ١٨٨) بتصرف.
(٧) إحياء علوم الدين (١/ ٢٠٦) .
(٨) أدب الدنيا والدين (٣٠٩) .