للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحمل إلى نور الدين فوصل حامله بأحسن صلة وكان هذا اللعين من إبطال الافرنج المشهورين بالفروسية وشدة البأس وقوة الحيل وعظم الخلقة مع اشتهار الهيبة وكبر السطوة والتناهي في الشر وذلك في يوم الأربعاء الحادي والعشرين من صفر سنة ٤٤ ثم نزل نور الدين في العسكر على باب أنطاكية وقد خلت من حماتها والذابين عنها ولم يبق فيها غير أهلها مع كثرة أعدادهم وحصانة بلدهم وترددت المراسلات بين نور الدين وبينهم في طلب التسليم إلى نور الدين وإيمانهم وصيانة أحوالهم فوقع الاحتجاج منهم بأن هذا الأمر لا يمكنهم الدخول فيه إلا بعد انقطاع أمالهم من الناصر لهم والمعين على من يقصدهم فحملوا ما أمكنهم من التحف والمال واستمهلوا فأمهلوا وأجيبوا إلى ما فيه سألوا ثم رتب بعض العسكر للاقامة عليها والمنع لمن يصل إليها ونهض نور الدين في بقية العسكر إلى ناحية أفامية. وقد كان رتب الأمير صلاح الدين في فريق وافر من العسكر لمنازلتها ومضايقتها ومحاربتها فحين علم من فيها من المستحفظين هلاك الافرنج وانقطع أملهم من مواد الانجاد وأسباب الاسعاد التمسوا الأمان فأمنوا على نفوسهم وسلموا البلد ووفى لهم بالشرط فرتب فيها من رآه كافياً في حفظها والذب عنها وذلك في الثامن عشر من شهر ربيع الأول من السنة وانكفأ نور الدين في عسكره إلى ناحية الساحل إلى صوب أنطاكية لانجاد من بها وطلب نور الدين تسهل الفرصة في قصدهم للايقاع بهم فأحجموا عن الاقدام على التقرب منه وتشاغلوا عنه واقتضت الحال مهادنة من في أنطاكية وموادعتهم وتقرير أن يكون ما قرب من الأعمال الحلبية له ما قرب من