للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنطاكية لهم. ورحل عنها إلى جهة غيرهم بحيث قد كان في هذه النوبة قد ملك ما حول أنطاكية من الحصون والقلاع والمعاقل وغنم منها الغنائم الجمة وفصل عنه الأمير مجاهد الدين بزان في العسكر الدمشقي وقد كان له في هذه الوقعة ولمن في جملته البلاء المشهور والذكر المشكور لما هو موصوف به من الشهامة والبسالة وأصالة الرأي والمعرفة بمواقف الحروف ووصل إلى دمشق سالماً في نفسه وجملته في يوم الثلاثاء رابع شهر ربيع الآخر من السنة. ومن لفظه وصفته هذا الشرح معتمداً فيه على الاختصار دون الاكثار وفيه من تقويه أركان الدين واذلال ما بقي من الكفرة الملحدين ما هو مشهور بين العباد وسائر البلاد مشكور مذكور والله تعالى اسمه عليه المحمود المشكور

وقد مضى من ذكر معين الدين أنر فيما كان أنهضه من عسكره إلى ناحية حلب لاعانة نور الدين صاحبها على ملاقاة الافرنج المجتمعين من أنطاكية وأعمالها للافساد في الأعمال الشامية وما منح الله تعالى وله الحمد من الظفر بهم والنصر عليهم ما أغنى عن ذكر شيء منه. واتفق أن معين الدين فصل عن عسكره بحوران ووصل إلى دمشق في أيام من آخر شهر ربيع الأول سنة ٥٤٤ لأمر أوجب ذاك ودعا إليه وأمعن في الأكل لعادة جرت له فلحقه عقيب ذلك انطلاق تمادى به وحمله اجتهاده فيما يدبره على العود إلى العسكر بناحية حوران وهو على هذه الصفة من الانطلاق وقد زاد به وضعفت قوته وتولد معه المرض المعروف بجوسنطريا وعمله في الكبد وهو مخوف لا يكاد يسلم صاحبه منه وأرجف به وضعفت قوته فأوجبت الحال عوده إلى دمشق في محفة لمداواته فوصل في يوم السبت السابع من شهر ربيع الآخر من السنة فزاد به المرض والارجاف بموته وسقطت قوته وقضى نحبه في الليلة التي