للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأخرجت له المصحف، فأملت عليه آى السور.

والمراد من التأليف ههنا ترتيب سوره؛ وهذا العراقي سأل أولا عن أيِّ الكفن خيرٌ أو أفضل، فأخبرته عائشة -رضى الله عنها- أن هذا مما لا ينبغى أن يُعْتَنى١ بالسؤال عنه، ولا القصد له ولا الاستعداد؛ فإن في هذا تكلفًا لا طائل تحته، وكانوا فى ذلك الزمان يصفون أهل العراق بالتعنُّت فى الاسئلة، كما سأل بعضهم٢ عبد الله بن عمر عن دم البعوض٣ [يصيب الثوب، فقال ابن عمر: انظروا إلى أهل العراق، يسألون عن دم البعوض] ٣ وقد قتلوا ابن بنت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!! ولهذا لم تبالغ معه عائشة -رضى الله عنها- فى الكلام لئلَّا يظن أن ذلك أمرٌ مهمٌّ٤، وإلا:

فقد روى أحمد٥ و"أهل السنن" من حديث سمرة وابن عباس، عن


١ ولهذا كانوا يصرفون السائل إلى ما ينفعه، ومثاله ما رواه الشيخان عن أنس، أن رجلًا سأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: متى الساعة؟ فقال له: "وما أعددت لها"؟. فانظر -يرحمك الله- كيف صرفه عن السؤال الذي لا طائل تحته، ووجَّهَه إلى ما ينبغي له أن يعتني به. وهكذا فليكن الدعاة إلى الله تعالى مع الناس.
٢ يشير إلى الحديث الذي رواه البخاري في "صحيحه" "٧/ ٩٥، ١٠/ ٤٢٦"، وفي "الأدب المفرد" "٨٥"، والنسائي في "الخصائص" "١٤١"، والترمذي "٣٧٧٠" وغيرهم، من طريق محمد بن أبي يعقوب، عن عبد الرحمن ابن أبي نعم؛ قال: كنت شاهدًا لابن عمر وسأله رجل عن دم البعوض؟؛ فقال: ممن أنت؟ قال: من أهل العراق! قال: انظروا إلى هذا؛ يسألني عن دم البعوض، وقد قتلوا ابن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "هما ريحانتاي من الدنيا".
"٣-٣" ساقط من "جـ".
٤ وهذا أصل مهمٌّ جدًّا من أصول الدعوة، فتأمله.
٥ أما حديث ابن عباس، فأخرجه:

<<  <   >  >>