للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم سألها عن ترتيب القرآن، فانتقل إلى سؤال كبير، وأخبرها أنه يقرأ غير مؤلف, أى: مرتَّب السور، وكأن هذا قبل أن يبعث أمير المؤمنين عثمان -رضى الله عنه- إلى الآفاق المصاحف الائمة المؤلفة على هذا الترتيب المشهور اليوم، وقبل الالزام١ به، والله أعلم، ولهذا أخبرته أنه لا يضرك بأى سورة بدأت، وأن أول سورة نزلت يها ذكر الجنة والنار، وهذه إن لم تكن {اقْرَأْ} [العلق: ١] ، فقد يحتمل أنها أرادت اسم جنس لسور المفصل، التى فيها الوعد والوعيد، ثم لما انقاد الناس إلى التصديق، أمروا ونهوا بالتدريج أولا فأولا، وهذا من حكمة الله ورحمته.

ومعنى هذا الكلام، أن هذه السورة -أو السور- التي يها ذكر الجنة والنار، ليست البداءة بهاء فى أوائل المصاحف، مع أنها من أول ما نزلت، وهذه البقرة والنساء من أوائل ما فى المصحف، وقد نزلت عليه فى المدينة وأنا عنده.

فأما ترتيب الآيات فى السور، فليس فى ذلك رخصة، بل هو أمر


١ كذا قال المصنِّف، وتعقَّبَه الحافظ في "الفتح" "٩/ ٣٩-٤٠" قائلًا: "كذا قال! وفيه نظر؛ فإن يوسف بن ماهك لم يدرك زمان إرسال عثمان المصاحف إلى الآفاق، فقد ذكر المزيّ أن روايته عن أُبَيّ بن كعب مرسلة، وأُبَيّ عاش بعد إرسال المصاحف على الصحيح، وقد صحَّحَ يوسف في هذا الحديث أنه كان عند عائشة حين سألها هذا العراقي، والذي يظهر لي أن هذا العراقي كان يأخذ بقراءة ابن مسعود لما حضر مصحف عثمان إلى الكوفة، لم يوافق على الرجوع عن قراءته ولا على إعدام مصحفه، فكان تأليف مصحفه مغايرًا لتأليف مصحف عثمان، ولا شكَّ أن تأليف المصحف العثماني أكثر مناسبة من غيره، فلهذا أطلق العراقي أنه غير مؤلف". أ. هـ. ونقله العيني في "العمدة" "٢٠/ ٢٢" ملخصًا، ولم يَعْزُه لصاحبه!

<<  <   >  >>