للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا رواه الترمذى والنسائى وابن ماجه من طرق، عن سفيان، عن علقمة, عن أبى عبد الرحمن من غير ذكر سعد بن عبيدة، كما رواه شعبة ولم يختلف عليه فيه.

وهذا المقام مما حكم لسفيان الثورى فيه على شعبة, وخطَّأَ بندار يحيى١ بن سعيد فى روايته ذلك عن سفيان, عن عقلمة, عن سعد بن عبيدة, عن أبي عبد الرحمن، وقال: رواه جماعة من أصحاب سفيان عنه بإسقاط سعد بن عبيدة، ورواية سفيان أصح.

وفى هذا المقام المتعَلِّق بصناعة الإسناد طول، لولا الملالة لذكرناه، فيما ذكر كفاية وإرشاد إلى ما ترك، والله أعلم.

والغرض أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ" , وهذه صفات المؤمنين المتبعين للرسل، وهم الكُمَّلُ فى أنفسهم المُكَمِّلِينَ لغيرهم، وذلك جمع بين النفع القاصر والمتعدى، وهذا بخلاف صفة الكفار الجبارين الذين لا ينفعون ولا يتركون أحدًا ممن أمكنهم أن ينتفع، كما قال تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} [النحل: ٨٨] ، وكما قال تعالى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} [الأنعام: ٢٦] ، فى أصحِّ قولى المفسرين فى هذا: هو أنهم ينهون الناس عن اتباع القرآن، مع نأيهم وبعدهم عنه أيضًا، فجمعوا بين التكذيب والصدِّ، كما قال تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا} [الأنعام: ١٥٧] فهذا شأن شرار الكفار، كما أن شأن الأخيار الأبرار أن يتكمَّل فى نفسه، وأن يسعى في تكْمِيلِ غيره، كما قال


١ كلَّا! لم يخطئ يحيى القطان في روايته، وقد استوفيت تخريج الحديث، وتعليله، وترجيح الراجح في "تسلية الكظيم"، فلله الحمد.

<<  <   >  >>