للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالليل، فقال: "يرحمه الله، لقد أذكرنى كذا وكذا "أية"١ كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا".

ورواه مسلم من حديث أبى أسامة حَمَّاد بن أسامة.

"الحديث٢ الثانى": حدَّثَنَا أبو نُعَيْم، ثنا سفيان، عن منصور، عن أبى وائل، عن عبد الله -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت كيت وكيت، بل هو نُسِّيَ".

ورواه مسلم والنسائى من حديث منصور به، وقد تَقَدَّم.

وفى "مسند أبى يعلى": "إنما هو نَسِيَ" بالتخفيف. هذا لفظه.

وفى هذا الحديث والذى قبله دليل على أن حصول النسيان للشخص ليس بنقص له، "إذا كان"٣ بعد الاجتهاد والحرص.

وفى حديث ابن مسعود أدبٌ فى التعبير عن حصول ذلك، فلا يقول: نسيت كذا، فإن النسيان ليس من فعل العبد، وقد تَصْدُرُ عنه أسبابه؛ من التناسى والتغافل والتهاون المفضى إلى ذلك، فأما النسيان نفسه فليس بفعله، ولهذا قال: بل هو نُسِّيَ؛ مَبْنِيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وأدب أيضًا فى ترك إضافة ذلك إلى الله تعالى، وقد أسند النسيان إلى العبد فى قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: ٢٤] ، وهو -والله أعلم- من باب المجاز الشائع بذكر المسَبَّبِ وإرادة السبب؛ لأن النسيان إنما يكون عن سبب قد يكون ذنبا، كما تَقَدَّمَ عن الضحاك بن مزاحم، فأمر الله تعالى


١ كذا في "الأصول", وليست هذه اللفظة في "البخاري" من حديث أبي أسامة عن هشام، ووقعت في رواية عليّ بن مسهر.
٢ مَرَّ تخريجه في باب: "استذكار القرآن وتعاهده" "ص٢١٣-٢١٤".
٣ ساقط من "جـ".

<<  <   >  >>