للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا الحديث فيه ثلاث خصائص لم يشرك أبا بكر فيها غيره:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أمنّ الناس علينا في صُحبته وذات يده أبو بكر)) بيّن فيه أنه ليس لأحد من الصحابة عليه من حق في صحبته وماله مثل ما لأبي بكر رضي الله عنه.

الثاني: [١/ب] قوله: ((لا تبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر)) ، وهذا تخصيصٌ له دون سائر الصحابة، وقد أراد بعض الكذابين أن يروي لعلي - رضي الله عنه - مثل ذلك، لكن الصحيح الثابت لا يعارض بالضعيف الموضوع (٥٣) .

الثالث: قوله: ((لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا)) فإنه نص أنه لا أحد (٥٤) من البشر يستحق الخلة لو كانت ممكنة إلا أبو بكر، ولو كان غيره أفضل منه لكان أحق بالخلة لو كانت واقعة.

وكذلك أمره لأبي بكر أن يُصَلِّي (٥٥) بالناس (٥٦) مدة مرضه من خصائصه التي لم يشركه فيها أحد، ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته أن تصلي خلف أحد في حياته بحضرته إلا خلف أبي بكر (٥٧) .

وكذلك تأميره له من المدينة على الحج ليقيم السنة ويمحو أثر الجاهلية، فإن هذا من خصائصه (٥٨) .

وكذلك قوله في الحديث الصحيح: ((أُدع لي أباك أو أخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه الناس من بعدي)) ثم قال عليه الصلاة والسلام: ((يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)) (٥٩) وأمثال هذه الأحاديث كثيرة (٦٠) تبين أنه لم يكن في الصحابة من يساويه.


(٥٣) قال ابن الجوزي: طرقه كلها باطلة، وقال: هذه الأحاديث من وضع الرافضة قابلوا به حديث أبي بكر في الصحيح. (انظر: الفوائد المجموعة للشوكاني ص٣١٦) بينما يرى الحافظ ابن حجر في القول المسدد ص١٦-١٨ أن الأحاديث في هذا الباب صحيحة بل بمجموعها يقطع بصحتها.
وقال عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في تعليقه على الفوائد المجموعة ص٣١٧ ما نصه: ((وتصدى الحافظ ابن حجر في القول المسدد والفتح للدفاع عن بعض روايات الكوفيين، وفي كلامه تسامح، والحق أنه لا تسلم رواية منها عن وهن)) .
قلت: وأقرب هذه الروايات إلى الصحة ما رواه الإمام النسائي عن طريق شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأبواب المسجد فسُدّت إلا باب علي رضي الله عنه.
وإسناده صحيح. الخصائص ص٥٠ (٤١) .
وهو مخرج في جامع الترمذي ٥/٦٤١ رقم ٣٧٣٢ كتاب المناقب باب مناقب علي.
وينظر: مجمع الزوائد ٩/١١٤، ١١٥، فضائل الصحابة ٢/٥٨١ رقم ٩٨٥.
(٥٤) في الأصل: ((أحدٌ)) وهو لحن؛ لأن (لا) نافية للجنس، وحينئذٍ يكون اسمها منصوباً، فالتنوين لعله من الناسخ. والله أعلم.
(٥٥) في الأصل ((يُصل)) وهو تحريف؛ وذلك أن الفعل منصوب فيقال ويكتب: (أن يُصَلِّيَ) ، فلعلها من الناسخ. والله أعلم.
(٥٦) في الأصل: ((في الناس)) .
(٥٧) البخاري: الصحيح، كتاب الجماعة والإمامة ١/٢٤٠ رقم ٦٤٦.
مسلم: الصحيح، كتاب الصلاة ١/٣١٦ رقم ٤٢٠.
(٥٨) البخاري: الصحيح، كتاب الحج ٢/٥٨٦ رقم ١٥٤٣. مسلم: الصحيح، كتاب الحج ٢/٩٨٢ رقم ١٤٤٧.
(٥٩) البخاري: الصحيح مع الفتح، كتاب الأحكام ١٣/٢٠٥ رقم (٧٢١٧) بلفظ: ((لقد هممت - أو: أردت - أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهد، أن يقول القائل أو يتمنى المتمنون، ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون، أو يدفع الله ويأبى المؤمنون)) .
وهو عند مسلم بلفظ: ((ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)) كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أبي بكر الصديق ٤/١٨٥٧ رقم٢٣٨٧.
(٦٠) ومنها حديث: ((ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين أفضل من أبي بكر الصديق)) ذكر ذلك الناسخ في الهامش بخطه.
قلت: أخرجه بنحوه أحمد في فضائل الصحابة ١/٣٥٢ رقم ٥٠٨، وإسناده ضعيف لتدليس ابن جريج، وفيه أبو بكر لم أعرفه.
وأخرجه عبد بن حميد في المنتخب ١/٢١٧ رقم ٢١٢، وفي إسناده أبو سعيد البكري لم أعرفه، وابن جريج وقد دلس.

<<  <   >  >>