للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الأصل، ثم قال: وأحسن منه ما قيل إن أعمامه صلّى الله عليه وسلم العباس وحمزة رضي الله تعالى عنهما أخواه من الرضاع لا تحل له بناتهما، وأبو طالب ابنته أم هانىء لم تكن مهاجرة اهـ، وما ادعى ضعفه فهو كما قال وما زعم أنه أحسن منه إن كان كما نقلناه بهذا المقدار خاليا عن إسقاط شيء حسبما وجدناه في نسختنا فهو مما لا حسن فيه فضلا عن كونه أحسن، وإن كان له تتمة فالنظر فيه بعد الاطلاع عليها إليك وأظنه على العلات ليس بشيء.

وقال بعض الأجلة المعاصرين من العلماء المحققين لا زال سعيد زمانه سابقا بالفضل على أقرانه: يحتمل أن يكون إفراد العم لأنه بمنزلة الأب بل قد يطلق عليه الأب ومنه في قول: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ [الأنعام: ٧٤] والأب لا يكون إلا واحدا فكان الافراد أنسب بمن ينزل منزلته ويكون جمع العمة على الأصل وإفراد الخال ليكون على وفق العم وجمع الخالة وإن كانت بمنزلة الأم لتكون على وفق العمات، ويحتمل أن يكون إفراد المذكر وجمع المؤنث لقلة الذكور وكثرة الإناث، وقد ورد في الآثار ما يدل على أن النساء أكثر من الرجال.

وقال آخر من أولئك الأجلة لا زالت مدارس العلم تزهو به وتشكر فضله: إن ذلك لما فيه من الحسن اللفظي فإن بين العم والعمات والخال والخالات نوعا من الجناس ولأن أعمامه عليه الصلاة والسلام كانوا على ما ذكره صاحب ذخائر العقبى اثني عشر عما وعماته كن ستا فلو قيل أعمامك لتوهم أنهم أقل من اثني عشر لأنه جمع قلة وغاية ما يصدق هو عليه تسعة أو عشرة على قول ولو قيل: عمتك لم تتحقق الإشارة إلى قلتهن فلذا أفرد العم وجمعت العمة وقيل: خالك وخالاتك ليوافق ما قبل، وأنا أقول: الذي يغلب على ظني في ذلك ما حكاه أبو حيان عن القاضي أبي بكر بن العربي من أن ما ذكر عرف لغوي على معنى أنه جرى عرف اللغويين في مثل ذلك على إفراد العم والخال وجمع العمة والخالة، ونحن قد تتبعنا كثيرا من أشعار العرب فلم نر العم مضافا إليه ابن أو بنت بالإفراد أو الجمع إلا مفردا نحو قوله:

جاء شقيق عارضا رمحه ... إن بني عمك فيهم رماح

وقوله:

فتى ليس لابن العم كالذئب إن رأى ... بصاحبه يوما دما فهو آكله

وقوله:

قالت بنات العم يا سلمى وإن ... كان فقيرا معدما قالت وإن

وقوله:

يا بنت عما لا تلومي واهجعي ... فليس يخلو عنك يوما مضجعي

إلى ما لا يحصى كثرة، وأما اطراد إفراد الخال وجمع العمة والخالة إذا أضيف إليها ما ذكر فلست على ثقة من أمره، فإذا كان الأمر في المذكورات كالأمر في العم فليس فوق هذا الجواب جواب، والظن بالقاضي أنه لم يحكم بما حكم إلا عن بينة مع أني لا أطلق القول بعدم قبول حكم القاضي بعلمه ولا أفتي به، نعم لهذا القاضي حكم مشهور في أمر الحسين رضي الله تعالى عنه ولعن من رضي بقتله لا يرتضيه إلا يزيد زاد الله عزّ وجلّ عليه عذابه الشديد، وعلى تقدير كون الأمر في العم ومن معه كما قال يحتمل أن يكون الداعي لإفراد العم والخال الرجوع إلى أصل واحد مع ما بين الذكور من جهة العمومة والخئولة في حق الشخص المدلى بهما من التناصر والتساعد فلذلك ترى الشخص يهرع لدفع بليته إلى ذكور عمومته وخؤولته، وذلك التعاضد يجعل المتعدد في حكم الواحد، ويقوي هذا الاعتبار هنالك

<<  <  ج: ص:  >  >>