للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كاملة لا تستطيع قوة جماعية أخرى تعادلها في القوة أو تزيد عليها بمقدار ضعفها أن تغلبهم في صراع.

وهذا ما كان يرهب أعداء الإسلام، إلى أن اكتشفوا الخطط الشيطانية التي يستطيعون بها أن يعبثوا بالعناصر الرئيسة التي تم فيها تكوين شخصيتهم الإسلامية الموحدة القوية في العالم، فعمدوا إلى قواعد بنيانهم الإسلامي في محاولات شتى لنقضها قاعدة فقاعدة.

فأرادوا أن يضعوا بدل الوحدة الفكرية عند المسلمين أشتاتاً وأخلاطاً فكرية متناقضة، أو متضادة، أو متخالفة، لينجم عن هذه الأشتات والأخلاط المتعارضة الدخيلة أشكال الصراع الفكري بين الأمة الإسلامية. كما أرادوا أن يتلاعبوا بمناهج البحث السليمة عند المسلمين وهي المناهج التي أرشدهم الله إليها بالوحي، وأن يضعوا لهم بدلها مناهج قصيرة النظر، تقف عند حدود الظواهر المادية، ولا تتعداها إلى الحقائق الكامنة وراءها.

وأرادوا أن يضعوا بدل الوحدة الاعتقادية المهيمنة على قلوب المسلمين أشتاتاً أخرى، من أخلاط اعتقادية فاسدة لا أساس لها من الحق، أو اتجاهات وجودية إلحادية تعمل على تحويل الإنسان إلى مخلوق أناني متوحش، يستخدم كل ذكائه لإشباع رغباته الأنانية المتوحشة.

وأرادوا أن يضعوا بدل الوحدة السلوكية النظرية والتطبيقية التي جعلت من المسلمين نسيجاً رائعاً ممتداً على كل الأرض التي يقطنونها، قطعاً ممزقة بالية، واهية الخيوط، تتلاعب بها الرياح الكونية ولو لم تكن عاتية، وتتقاذفها ذات الغرب مرة وذات الشرق أخرى.

وأرادوا أن يضعوا بدل الوحدة العاطفية المستندة إلى أساس ديني متين راسخ والتي كانت تحركاتهم بقوة هائلة تحريكاً واحداً، أشتاتاً عاطفية متباينة متناقضة، فمنها أناني شخصي، ومنها إقليمي، ومنها قومي، ومنها مصلحي مادي، ومنها طائفي، ومنها طبقي، إلى آخر ما يدخل في هذه الأشتات العاطفية المختلفة فيما بينها اختلافاً كثيراً.

<<  <   >  >>