للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ}

وظاهر أن الاستكانة إلى العدو على معنى الرضى بقضاء الله وقدره استكانة وينهى الإسلام عنها، ولا يرضى بها، ولا يجوز أن تكون وفي قدرة المسلمين أن يدافعوا ويكافحوا ويجاهدوا في سبيل الله، وما يصاب المسلمون بالخذلان، أو بتسلط أعدائهم عليهم إلا بذنوبهم، وبتقصيراتهم عن القيام بما أوجب الله عليهم من اتخاذ الأسباب، لصد أعدائهم، وإعلاء كلمة الله.

إن مبدأ الرضى بقضاء الله وقدره في المفهوم الإسلامي الصحيح يمنح المسلمين قوة عملية فعالة لا تني، وطاقة اندفاع كبرى إلى الجهاد في سبيل الله، وتحمّل كل مصيبة في ذلك، اعتقاداً منهم بأنهم لن يصيبهم إلا ما كتب الله لهم.

فالمسلمون يدخلون معارك الجهاد في سبيل الله فيصابون في أنفسهم وأموالهم وأولادهم، فيتقبلون كل ذلك بتمام الرضى عن الله فيما يجري به قضاؤه، دون أن يتضجروا أو يتذمروا من ذلك، ثم إذا دعاهم داعي الجهاد مرة ثانية وثالثة ورابعة وإلى ما لا نهاية له لم يتوانوا عنه، لأنهم يعتقدون اعتقاداً جازماً أنه لن يصيبهم إلا ما كتب الله لهم، فهم يتلقون كل ذلك بالتسليم والرضا عن الله، معلقين آمالهم بما أعد الله من أجر عظيم للصادقين الصابرين.

وفي مقابل هذه العقيدة السليمة الممدة بقوى الصبر والمصابرة واحتمال الأذى، تأتي العقيدة الموهنة المثبطة المخذلة التي يعتقدها الكافرون، وهي التي تجحد القضاء والقدر، وتزعم انفراد الأسباب بتحقيق النتائج، وتعتقد أنه لولا حصول السبب الفلاني لما حصلت المصيبة الفلانية، وعلى أساس من هذه العقيدة الباطلة، أثار المنافقون بعد غزوة أحد التي أصيب فيها المسلمون بنكسة بعد ظفرهم على عدوهم، بسبب مخالفة فئة الرماة أمر الرسول بعدم تركهم موقعهم الذي حدده لهم، أثاروا مقالتهم: لو كان لنا من الأمر شيء ما قتل

<<  <   >  >>