للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لهلاكها، ومثلها في نظره كمثل القنبلة الموقوتة، يضعها واضعها لتنفجر في وقت معلوم، فتخرب من أهداف العدو على مقدار طاقتها، وأول حساب العدو بالنسبة إليها هو أن يخسرها ليربح المعركة، ويظفر بغايته.

على أن العدو ربما يعمل على الخلاص من هؤلاء الأدوات، متى أصبحوا غير صالحين للاستعمال، أو غدوا عبئاً متاعبه أكبر من منافعه، وبهذه الخطة الماكرة يستغفل أعداء الإسلام ويكيدون القسمين معاً، قسم الأدوات المستأجرين، وقسم الضحايا الغافلين.

والمستأجرون من أدوات الخيانة قد لا يكلفون أعداء الإسلام إلا أن يقدموا لهم المطامع والوعود، أو أدنى الأجور النقدية، أو بعض الشهوات المبذولة لكل روادها، وكذلك يفعلون.

[(٧) التلاعب بالأحكام الإسلامية بحيلة المرونة في الشريعة]

حينما تتناول الشريعة الإسلامية أحكام العبادات تتسم باليسر والسماحة، وحينما تتناول بيان حقوق الناس تتسم بالدقة والحيطة والتحديد، وحينما تتناول بيان الحدود والعقوبات تتسم بالاحتياط في وسائل إثبات موجب العقوبة، بالعنف الرادع في إقامتها.

أما حينما تتناول الشريعة الإسلامية بيان النظم التي تكفل للناس الحياة الأفضل فإنها تتسم بالمرونة، وقد راقب أعداء الإسلام جانب النظم فوجدوا أن فريقاً من المسلمين لم يحسنوا الاستفادة من المرونة في الأصول الشرعية التي تتناول هذا الجانب؛ إذ لبثوا جامدين عند الصور التطبيقية التي اقتضتها ظروف العصور الإسلامية الأولى، فأخذوا يهاجمون الإسلام بأن نظمه لا تساير العصور التي تتطور فيها ظروف الحياة الإنسانية الفردية والاجتماعية، وأمام هذا الهجوم قامت فئة من الباحثين المسلمين، وفريق منهم حسن النية، فقذفوا حبل المرونة في الشريعة إلى أقصى اليمين أو إلى أقصى اليسار، وزعموا أن نظم الشريعة

<<  <   >  >>