للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو اجتماعية أو سياسية، والمسلمون يخشون أن يؤيدوا حق إخوانهم في ذلك حذر أن يتهموا بالتعصب.

وطارت بين المسلمين نظرية التسامح الإسلامي، بزعم الدفاع عن الإسلام، واستخدمت هذه النظرية في غير مجالها، حتى صار تطبيق التسامح الإسلامي يعني تنازل المسلمين عن حقوقهم الشخصية، وعن حقوق جماعة المسلمين، وهي حقوق لا يجوز بحال من الأحوال التنازل عنها، لأن المسلمين كلهم أو بعضهم لا يملكون مثل هذا الحق، ما دام من شأنه أن يفضي إلى الإضرار بجوهر الإسلام، وسياسته في الأرض، ووحدة جماعته، وسلطان شريعته.

وزحف أعداء الإسلام وخصوهم هذه الخديعة الماكرة حتى وصلوا إلى معظم مراكز السلطة الفعالة في طائفة من بلاد المسلمين، وأخذت قلتهم القليلة الكثرة الكاثرة من مراكز القوة والحكم والإدارة والمال، ثم امتدت أيديهم إلى مقاتل المسلمين، وأخذوا يقبضون عليها بشدة متصاعدة، ويحتكرون بتعصب ذميم كل خير يجدونه، ولا يسمحون لغير المنتسبين إلى جماعاتهم بأن يصل إلى أي مركز حقيقي له قوة فعالة في البلاد، ومن عجيب المفارقات أنهم من أكثر الناس تعصباً للباطل الذي توارثوه عن آبائهم وأجدادهم وطوائفهم، ولا يقبلون فيه أية مناقشة منطقية مهما كان شأنها، وأنهم من أكثر الناس تعصباً أعمى للمنتسبين إلى أقوامهم أو طوائفهم، في الوقت الذي يستخدمون فيه سلاح الاتهام بالتعصب ضد المسلمين، الذين ليس عندهم من التعصب مثقال ذرة، وإنما يوجب عليهم الإسلام أن يستمسكوا الحق، وينصروا إخوانهم بالحق.

ومما يؤسف له أن كثيراً من المسلمين في غفلة كثيرة عن هذه الخديعة، التي يستخدمها أعداء الإسلام ضد المسلمين، ليصرفوهم عن الاستمساك بالحق الذي أنزله الله، وليحلوا بينهم وبين إخوانهم المؤمنين معاقد الترابط، وليغشّوا على أبصارهم حتى لا يروا الجيوش الزاحفة على حقوقهم وخيراتهم، السارقة لكل قوة لهم، والعاملة على هدم دينهم وكيانهم بين أمم الأرض.

<<  <   >  >>