للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرابع: أن بقاء الخلافة يقضي في أدنى الحدود الرمزية بأن لا تقوم بين بلادهم حواجز مصطنعة , وهذا يعني اشتراك الشعوب الإسلامية في ديارهم , وتمتعهم بحريات تنقلهم وتملكهم وتجاراتهم وسائر مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية فيها.

ومع الحزن الشديد الذي تلقت به الشعوب الإسلامية نبأ إلغاء الخلافة قام فريق من أصدقاء المستعمرين , والموالين لهم في البلاد الإسلامية , يبردون حرارة الألم , ويبررون ما وقع , ويزعمون مزاعم كاذبة على المفاهيم الإسلامية , ويضعون مفاهيم مبتدعة غريبة , يفصلون بها بين الدين والحكم , وينسفون بها الأسس النظرية التي تقوم عليها الخلافة الإسلامية , ويضعون بدلها أسساً أخرى من عند أنفسهم ينسبونها إلى الإسلام زوراً وبهتاناً , وكان من هؤلاء في مصر "الشيخ علي عبد الرزاق" فقد كتب كتاباً جعل عنوانه "الإسلام وأصول الحكم" احتوى على آراء تخالف ما أجمع عليه المسلمون , وتهدم أسساً ضخمة من أسس بناء الأمة الإسلامية , وتطعن في التاريخ الإسلامي , وتنكر علاقة الخلافة في جميع عصورها بالإسلام.

وتصدى للرد عليه كثيرون , منهم الشيخ "محمد شاكر" من كبار العلماء , وكان وكيلاً سابقاً للأزهر , ومنهم الشيخ السيد "محمد رشيد رضا" صاحب تفسير المنار , وصاحب مجلة المنار , فقد كتب هذا مقالاً بعنوان: (الإسلام وأصول الحكم _ بحث في الخلافة والحكومة في الإسلام _ بل دعوة جديدة إلى نسف بنائها وتضليل أبنائها) . وقد جاء في هذا المقال ما يلي:

"ما زال أعداء الإسلام يجاهدون بالسيف والنار , وبالكيد والدهاء والأفكار , وبإفساد العقائد والأخلاق , وبالطعن في جميع مقومات هذه الأمة , وتقطيع جميع الروابط التي ترتبط بها شعوبها وأفرادها , ليسهل جعلها طعمة للطامعين , وفريسة لوحوش المستعمرين.

وهذه الحرب السياسية العلمية للإسلام أضر وأنكى من الحروب الصليبية باسم الدين.. وقد كان آخر فوز لهذه الحرب على المسلمين إلغاء الترك لمنصب الخلافة من دولتهم , وتأليفهم حكومة جمهورية غير مقيدة بالشرع

<<  <   >  >>