للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بشيء من واجبات لغتهم وواجبات تاريخهم عليهم , وهم من أبناء هذه الأمة , وذلك بأن يرتقوا بلغة الفن شيئاً فشيئاً , حتى يدنوها من العربية الفصيحة , وحتى يساهموا بنشرها بين الجماهير الكثيرة , التي تشاهد فنونهم أو تسمعها , كما نهيب بهم أن يرتقوا بها في مراتب الأدب الرفيع , والتوجيه الكريم إلى مكارم الأخلاق , وإلى مختلف الفضائل الفكرية والنفسية والاجتماعية , وأن لا يجعلوا الميادين الفنية سوقاً لكلّ رخيص مبتذل , ولا مرتعاً للمباذل اللفظية والعملية.

ولا يظنوا أن الفرق واسع بين العامي والفصيح , فالقضية ميسورة إذا بذلوا في سبيلها بعض الجهد , وما عليهم إلا أن يعربوا الكلمة , وأن يختاروا من المفردات السهلة الدارجة على الألسن ما يوافق الفصيح , وما أظن هذا الأمر صعباً على من يبذل عشرات الألوف لإنتاج مشهد تمثيلي واحد للشاشة أو المسرح.

أما الأغاني فأمرها أيسر وأسهل , وتصحيحها مطلب قريب المنال لكل قاصد والمسؤولية في هذا تقع على المؤلفين والملحنين والمغنين معاً.

وعلى كلّ من يريد لأدبه أن يكون خالداً أن يكتبه بلغة القرآن الذي تكفل الله بحفظه , ومن حفظه حفظ العربية الفصحى التي أنزله بها , ولَنْ يظفر الأعداء الغزاة بطائل كبير في حربهم لهذه اللغة العظيمة , ما دام منزل القرآن قد تكفل بحفظه , وخيرٌ لهم أن يبذلوا هذه الجهود الطائلة في أمور تنفعهم في بلادهم وتنفع أمتهم , وما لهم ولهذا الصرع مع كتاب الله واللغة التي أنزله الله بها؟

لقد عملوا على هدم الإسلام من كلّ جانب عبر قرون , فلم يظفروا بإلغائه ولا محوه , ورأوا أنهم كلما زادوا المسلمين اضطهاداً ومؤامرات ومكايد , دار الزمن دورته , فتفجَّر حقل إسلامي جديد من جهة من جهات الأرض , فقدم نفسه للعالم نوراً مشرقاً , ودعوة خيرة , وقوة ذات بأس ومنعة.

<<  <   >  >>