للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كيف تصيد الدجاج والبطَّ بأسنانها وأظفارها، ولا تستطيع ابتلاعها وازدرادها بلحمها وريشها وعظمها وحشوها، وهكذا إلى آخر الفروق بينها وبين الناس، والذي يقوي مركز هذه القهقهات الساخرات أنها ذات قوة وكثرة في الغابة.

وبسب كثرة الانتقادات التي هي من هذا النوع، وبسبب تتابع مظاهر السخرية والتهكم تأثر بعض صغار العائلة البشرية من ذكور وإناث، فأخذوا يتنازلون عن صفاتهم البشرية، وطرائق عيشهم الخاصة وأنظمة حياتهم.

فمنهم من تعلم المشي على أربع، ومنهم من ذهب يستجدي من القرود والثعالب أذناباً ليضيفها إلى جسده، وبعضهم حلا له أن يرتدي جلوداً من جلود موتاها، ليبدو مظهره مثل مظهرها، وأخذ يتعلم طريقة عيشها وفوضى حياتها، ولما انغمش هؤلاء الصغار في هذا العالم الجديد، عادوا إلى أهليهم بنظريات التحويل وبتنكيس الأوضاع الإنسانية داخل أسرتهم، لتساير سكان الغابة في فوضها وبهميتها، هرباً من نظرات الاستنكار وقهقهاته التي تستقبلها بها جماعات القرود والثعالب.

هذا هو مثل الإسلام العظيم في عقائده وأحكامه ونظمه، بين مجموعات الفوضويات والنظم العرجاء العوراء المذنبة الوحشية، ومثل الشبهات والانتقادات التي يقذفها التافهون والمغرضون شطر الإسلام، بغية أن يشوهوا صورته الرائعة الجميلة في تناسقها المتكامل البديع، وبغية أن يسوقوا أتباعه وأنصاره أو أبناءهم وذريّاتهم إلى عالم الفوضى الذي يعيشون فيه، أو إلى مباءات النظم الناقصة المشوّهة التي حسنها في نظرهم ممارستهم الطويلة لها، ولا بدّ أن نذكر هنا قول الله تعالى في سورة (الملك/٦٧ مصحف/٧٧ نزول) :

{أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ}

وقول الله تعالى في سورة (الأعراف/٧ مصحف/٣٩ نزول) :

{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}

<<  <   >  >>