للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مجالات تربوية راقية، تزيل ما في قلوبهم من غل وحقد على الإسلام والمسلمين، وتحببهم بهذه الرسالة الربانية، حتى يدخلوا فيها. فإذا آمنوا وصلحوا واستقاموا توجه نداء الإسلام لأوليائهم: أن أعطوهم داخل المجتمع الإسلامي حرياتهم السياسية والمدنية، التي كانت محتجزة عنهم لصالح الأمن العام، وهذا لون من ألوان منح الجنسية التي يكونون فهيا مواطنين أحراراً داخل بلاد المسلمين.

وبهذا التدبير يجعل الإسلام المسلمين كلهم حكومة قائمة، فهم يمنحون الجنسيات لمن يرون فيهم صلاحاً من الذين كانوا بالأمس محاربين ووقعوا تحت الأسر.

ولم يفرض الإسلام تحرير كل من تظاهر بالإسلام من الأسرى، خشية أن يتخذ الأسرى ذلك ذريعة لكسب حريتهم، وانطلاقهم داخل المجتمع الإسلامي أحراراً يدبرون المؤامرات على المسلمين، وهم في مأمن من الرقابة.

وقد أحاط الإسلام هذا الحل بتربية إسلامية واسعة، توجب على المسلمين أن يحسنوا معاملة الأسرى، وأن يجعلوهم كأفراد أسرهم، وأن لا يضربوهم، ولا يهينوهم، ولا يعذبوهم، ولا يشتموهم، ولا يكلفوهم من الأعمال ما يغلبهم، وتوجب على المسلمين أن يطعموهم مما يأكلون ويلبسوهم مما يلبسون.

وبهذه التربية الإسلامية العظيمة صار كثير من الموالي الأسرى من كبار علماء المسلمين وفقهائهم، ومن كبار صلحائهم، واتسع الأمر بعد ذلك فكان المماليك هم قادة الحكم في بعض عصور التاريخ الإسلامي، وكان من خلفاء المسلمين من أمهاتهم كن أسيرات.

فهل في هذا الحل الإسلامي إلا التكريم البالغ للأسرى من الأعداء المحاربين، وتخفيف حدود سلب حريتهم إلى المستوى الذي تقضي به ضرورة الأمن، مع منحهم حرياتهم الأخرى؟

وهل تفسح دولة من دول الأرض في العالم المتحضر الحديث مجالاً مثل هذا المجال لأسراها؟ أم تضعهم في سجون الإهانة والتعذيب والتقتير في

<<  <   >  >>