للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢ـ نشأته وطلبه للعلم]

نشأ الشيخ منذ طفولته متوقد الذكاء، قوي الحافظة طموحاً، محباً للعلم والفضيلة والمجد، فتعلم في الكُتاب القراءة والكتابة والقرآن، ثم أرسله أبوه إلى مدرسة في أطراف دمشق، يشرف عليها الشيخ شريف اليعقوبي وكان أهل علم وصلاح، وبعد أن أنهى صفوف المدرسة عنده اتجه إلى أستاذ آخر، كان قد سمع به في حيِّه وهو الشيخ طالب هيكل، وكان له علم بشيء من النحو والصرف والفقه على مذهب الإمام الشافعي، فاستفاد منه في هذه العلوم، ثم تعرف على عالم آخر من المعروفين بالعلم والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو الشيخ عبد القادر الأشهب، فتلقى عنه أوسع مما تلقى عن شيخه السابق، لكن رغبته في العلم، وطموحه في التحصيل، كانا يدفعانه إلى المزيد من العلم، والجلوس بين يدي العلماء، لاسيما وقد سمع بكبار العلماء في قلب مدينة دمشق، فبدأ الاتصال بهم واحداً فواحداً، ليروي نهمه العلمي، وكان والده يشجعه على ذلك، وقد تكفل به وبأسرته، بعد أن زوجه في سن صغيرة في الخامسة عشر من عمره.

تابع الشيخ مسيرته العلمية، بكل همة واجتهاد ونشاط، ينهل من مختلف العلوم العربية والشرعية، وحتى بعض العلوم الكونية مثل الطب وعلم النبات، خصوصاً وقد أكرمه الله عز وجل بالتعرف على ثلة من جهابذة العلماء، كان في مقدمتهم الشيخ محمود العطار وهو فقيه حنفي وعالم متمكن، فتتلمذ على يديه سنين طوالاً، كما اتصل بالعلامة التقي الورع والأصولي والفقيه البارع، الشيخ أمين سويد رحمه الله تعالى ولازمه ملازمة طويلة، ثم التقى عالماً ضليعاَ بعلوم اللغة العربية لاسيما البلاغة والأدب وحسن صياغة النصوص والإنشاء هو الشيخ عبد القادر الاسكندراني رحمه الله الذي أفاده في هذه العلوم كثيراً، كما استفاد من عالم كردي متمكن في العلوم العقلية (المنطق والفلسفة وأصول الفقه) فقرأ عليه عدداً من الكتب في هذه العلوم، كما تتلمذ على الشيخ عطا الكسم مفتي الديار الشامية، فلازمه مدة سمع خلالها مسائل كثيرة من الفقه الحنفي،

وأكرمه الله تبارك وتعالى بالاتصال بعلامة الشام وشيخ مشايخها الشيخ بدر الدين الحسني الذي أفرد له وقتاً خاصاً، ليقرأ عليه فيه واستمر ذلك حتى وفاة الشيخ بدر الدين رحمه الله تعالى فاستفاد من علمه وروحانيته الشيء الكثير.

هؤلاء هم أشهر الأساتذة والمشايخ، الذين تلقى عنهم، واغترف من غزير علومهم ومعارفهم واقتبس من أخلاقهم وصفاتهم، مع ما وهبه الله من عقل ذكي وبديهة حاضرة وحب شديد للمعرفة بحيث أصبح من خيرة العلماء علماً وعملاً ودعوة.

<<  <   >  >>