للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمم والشعوب، الرغبة الانتقام تنفيساً عن كراهية موروثة وأحقاد قديمة.

وحينما يكون الانتقام الجاهلي موجهاً ضد مجموعة من الناس، يتوجه أيضاً ضد كل ما يختص بهم من دين، أو نظام اجتماعي، أو تاريخ، أو أرض، أو أي مجد حضاري أو مدني، مهما كانت هذه الأمور جديرة بالاحترام والتقدير، أو حقيقة بأن تتبع أو يستفاد منها للتقدم وإسعاد الناس ورفاههم ونشر الخير بينهم.

ويظل الإنسان في انفعالاته الانتقامية المستندة إلى الكراهية الموروثة جاهلياً، بعيداً عن المنطق الحضاري، ما لم تهذب عواطفه وتضبط نفسه وانفعالاته مجموعة العقائد والمفاهيم والنظم الدينية الربانية الحقة، القائمة على أسس عامة بعيدة عن كل تعصب أناني أو قومي أو عرقي.

ويظهر أثر التكوين البدائي لطبائع النفوس في كثير من شعوب الأرض المتمدنة، ما دامت بعيدة عن التربية الدينية الربانية الصحيحة، أو المفاهيم الاجتماعية التي تدعو إليها، وكلما قربت هذه الشعوب في حضاراتها من إدراك هذه المفاهيم، وتمثلها في السلوك، تضاءلت في نفوسها الطبائع الجاهلية.

ومن خصائص التربية الدينية الربانية الصحيحة، التي تمثلها التعاليم الإسلامية أصدق تمثيل، الأسس الاجتماعية التالية:

الأساس الأول: "لا تزر وازرة وزر أخرى" فلا تتحمل الجماعة ذنوب أفراد منها، ما لم تكن متواطئة معهم عليها، أو راضية بها، ولا يتحمل الأبناء والأحفاد ذنوب الآباء والأجداد، ما لم يتابعوا ممارستها، أو تصبح فيهم أموراً تقليدية محببة غير مستنكرة.

وهذه الأساس من شأنه أن يقطع دابر كل كراهية متوارثة بين الأمم والشعوب.

الأساس الثاني: الأخوة الإنسانية التي لا تعترف بالفوارق العرقية أو اللونية أو اللغوية أو السكنية أو الطبقية، وهذه الأخوة ذات مستويين:

أما المستوى الأول: فهو المستوى العام الذي يشمل الناس جميعاً، ويتمثل بحب المسلم الخير والسعادة لكل بني الإنسان، وفي هذا المستوى يقول

<<  <   >  >>