للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني: الخصائص الفنية لعمود الشعر العربي]

خصائص اللفظ:

نجد العرب يتطلبون فيه الجزالة، والاستقامة، والمشاكلة للمعنى، وشدَّة اقتضائه للقافية.

وما تطلَّبوه في مفهوم المعنى الجزئي هو شرف المعنى وصحته، والإصابة في الوصف، وأما ما يخصّ تصوير المعاني الجزئية في البنية العامة للقصيدة فهو المقاربة في التشبيه، ومناسبة المستعار منه، للمستعار له، ثم التحام أجزاء النظم والتئامها ١.

وعلى ذلك نلاحظ أن جزالة اللفظ تتوافر له إذا لم يكن غريبًا، ولا سوقيًّا مبتذلًا٢، ومعياره أن يكون بحيث تعرفه العامة إذا سمعته ولا تستعمله في محاربتها٣ والأمثلة كثيرة نقتصر منها على قول الحطيئة:

يرسون أحلامًا بعيدًا أناتها ... وإن غضيوا جاءوا الحفيظة والجد

أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم ... من اللوم أو سدّ المكان الذي سدُّوا

أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنى ... وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدُّوا

وبهذه القاعدة عابوا كثيرًا من شعر المحدثين، وفي هذه القاعدة تكتسب الألفاظ نبلًا يشبه النبل الطبقي، وفيها إغفال لموقع اللفظ من الجملة مما انتبه إليه - أمثال "عبد القاهر" على أن استقراء الشعر العربي استقراءً سليمًا يكذب هذه القاعدة.

واستقامة اللفظ تكون من ناحية الجرس حيث يكون اللفظ مستقيمًا بسلامته من تنافر الحروف، وذلك مقياس نسبي، يجب أن يُراعى في اللهجات والأذواق المختلفة، على أن الخطأ هنا أن اللفظة الثقيلة قد تصلح في موضعها إذا أوحت بمعناها المراد في ذلك الموضع.

<<  <   >  >>