للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الرابع: عمود الشعر بين الالتزام والتحرر]

بين القدماء والمعاصرين:

ويتقدم الزمن مع كل جديد. ويجيء الشعراء المحدثون من ذوي الثقافات الجديدة كأبي تمام وابن الرومي وغيرهما. ويخرج شعرهم على عمود الشعر خروجًا واضحًا، ويختلف فيهم النقاد اختلافًا ظاهرًا. كما ترى في أحكام كثيرة على أبي تمام بالخروج على عمود الشعر، وكذلك ابن الرومي الذي قال فيه ابن رشيق:

أولى الناس باسم شاعر. لكثرة اختراعه وحسن افتنائه".

ومع ذلك: أهمله أبو الفرج، وذمَّه القاضي الجرجاني في كتابه الوساطة، بينما أعجب به النقاد المعاصرين أمثال طه حسين والعقاد والمازني وغيرهم. وسلفًا تعصَّب لعمود الشعر في القرن الثاني الهجري فريق من النقاد وأهملوا شعر المحدثين من الشعراء لخروجهم على عمود الشعر ١.

وينقسم النقاد القدامى إلى قسمين ولكل رأيه ووجهة نظره:

١- فأبو عمرو بن العلاء "١٥٤ هـ" رأس مدرسة المحافظة كان شديد التعصب على المحدثين لخروجهم على عمود الشعر، وهو صاحب الكلمة المأثورة عن تعصّبه، وذلك عندما سُئل عن شعر المولدين فقال:

"ما كان من حسن فقد سبقوا إليه. وما كان من قبيح فهو من عندهم".

ويتحدث عنه الأصمعي فيقول:

"جلست إليه عشر سنين فما سمعته يحتج ببيت إسلامي فضلًا عن أن يحتج، بشعر المحدثين، وهو القائل: "لو أدرك الأخطل يومًا من الجاهلية ما قدمت عليه أحدًا".

فأبو عمرو كان شديد التعصب للشعر الجاهلي، ولا يعدّ الشعر إلا ما كان للمتقدمين ويتابع أبا عمرو بن العلاء في الإزراء لشعر المحدثين، ويشيد بشعر القدماء ابن الأعرابي، الذي كان يقول في شعر أبي تمام، "إن كان هذا شعرًا فكلام العرب باطل".

<<  <   >  >>