للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومرة أخرى تفرض الموضوعية أن نشير إلى ادعاء هؤلاء الذين يقولون بلا أي أساس أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- مؤلف القرآن قد نقل كثيرًا من التوراة، ولو كان ذلك حقًا لتساءلنا من الذي دفعه أو ما الحجة التي أقنعته بالعدول عن نقل التوراة فيما تعلق بأسلاف المسيح وإدخال تصحيح في القرآن يضع نصه بعيدًا عن أي مرمى نقدي تثيره المعارف الحديثة، على حين أن نصوص الأناجيل والعهد القديم غير مقبولة بالمرة من وجهة النظر هذه"؟ ١.

وبعد.. لقد بين القرآن حقيقة الأسفار اليهودية والمسيحية، فصدق على ما بها من بقايا حق أنزله الله، وصحح ما بها من أساسيات خالطها كثير من "شوائب وبطلان" ثم جاء مهيمنًا عليها بما استحدث وشرع. فنقل الرسالة من القبلية المحدودة إلى العالمية الواسعة، مع ما يتطلبه ذلك من تعاليم وضوابط ومعالجات لمختلف القضايا التي تهم العالمين: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: ٤٨] .

{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل: ٦٤] .

إن حديث القرآن عن أهل الكتاب وأسفارهم إنما هو معجزة تقوم بذاتها، وهي معجزة أساسها العلم الذي تحصله البشرية بالدراسة والتمحيص خلال العديد من القرون، ثم تأتي النتيجة مطابقة لما قال به محمد رسول الله الذي كان يتعلم الآيات من القرآن وحيًا في لحظات.

لقد كان من جوامع كلمه: "لا تصدقوهم ولا تكذبوهم".

إنها معجزة {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: ٤٣] .


١ دراسة الكتب المقدسة ص٢٤٢.

<<  <   >  >>