للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولًا- جمهرة ابن دريد:

هذا هو ثاني معجم وصل إلينا بعد كتاب العين من المعاجم التي اتبعت نظام التقليبات.

أما مؤلفه فهو محمد بن الحسين بن دريد البصري. وقد كان أبوه من أعيان التجار في مدينة البصرة. واستطاع أن يؤدب ولده بآداب العصر الذي عاش فيه، وابن دريد كالخليل من أصل عربي جنوبي -وكان ابن دريد مشهورًا بسعة الحفظ، وقوة الذاكرة، فقد روي عنه أنه كانت تقرأ عليه دواوين العرب فيحفظها من أول مرة١. كما قد أخبر هو عن نفسه بأن شيخه كلفه يومًا بحفظ معلقة الحارث بن حلزة حتى يرجع من غدائه، فلما رجع الشيخ وجد التلميذ قد حفظ الديوان بأجمعه. وقد أمكنه أن يستغل ذاكرته في ملء كتبه بالألفاظ الغريبة خصوصًا ما يعرف باسم النوادر، وقد ظهر هذا جليًّا في مؤلفيه "كتاب الاشتقاق وكتاب الملاحن".

كتاب "الاشتقاق":

اهتم ابن دريد في هذا الكتاب بعقد الصلة بين الاسم العلم، وبين ما يشابهه مادة من الصفات أو الأفعال. وقد أداه شغفه بالاشتقاق إلى أن يفترض أن الأعلام كلها منقولة، وأن لها دلالات أخرى بجانب دلالتها على مسمياتها. فمن أمثلة ذلك قوله٢ "الحتات بن يزيد: حتات فعال من قولهم: حتتُّ الورق عن الشجر إذا نفضته، ويقال: فرس حتيت أي سريع".


١ بغية الوعاة ص٣١.
٢ الاشتقاق ص١٤٨.

<<  <   >  >>