للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنْ أُسَامَةَ، فَيُحْتَمَلُ مُوَافَقَتُهَا، لِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَالَ لِي: فَلِمَ قُلْتَ يُحْتَمَلُ خِلَافُهَا؟ قُلْتُ: ... لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَاهُ كَانَ يَذْهَبُ هَذَا الْمَذْهَبَ؛ فَيَقُولُ: لَا رِبَا فِي بَيْعٍ يَدًا بِيَدٍ، إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ ... .

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَالَ: فَمَا الْحُجَّةُ فِي أَنْ كَانَتِ الْأَحَادِيثُ قَبْلَهُ مُخَالِفَةً فِي تَرْكِهِ إِلَى غَيْرِهِ؟ فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ رَوَى خِلَافًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَشْهَرُ

بِالْحِفْظِ لِلْحَدِيثِ مِنْ أُسَامَةَ، فَلَيْسَ بِهِ تَقْصِيرٌ عَنْ حِفْظِهِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَعُبَادَةُ أَشَدُّ تَقَدُّمًا بِالسِّنِّ وَالصُّحْبَةِ مِنْ أُسَامَةَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ أَسَنُّ وَأَحْفَظُ مَنْ رَوَى الْحَدِيثَ فِي دَهْرِهِ، وَلَمَّا كَانَ حَدِيثُ اثْنَيْنِ أَوْلَى فِي الظَّاهِرِ بِالْحِفْظِ، وَأَنْ يُنْفَى عَنْهُ الْغَلَطُ مِنْ حَدِيثٍ وَاحِدٍ كَانَ حَدِيثُ الْأَكْثَرِ الَّذِي هُوَ أَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ حَدِيثِ مَنْ هُوَ أَحْدَثُ مِنْهُ، وَكَانَ حَدِيثُ خَمْسَةٍ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُصَارَ إِلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ وَاحِدٍ، قُلْتُ: وَيُقَالُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ نَزَعَ عَنْ قَوْلِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ.

ذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْفَقِيهُ الطَّبَرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمِ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ مُرَّةَ أَبُو الْمُعَلَّى، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الرَّقَاشِيُّ، أَنَّ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَدِمَ الْبَصْرَةَ، فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، فَقَالَ: أَلَا تَنْهَوْنَ شَيْخَكُمْ هَذَا؟ يَعْنِي الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ يَزْعُمُ أَنَّ مَا تَبَايَعَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ يَدًا بِيَدٍ الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، الزِّيَادَةُ فِيهِ حَرَامٌ، فَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَحَلَّهُ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الرَّقَاشِيُّ: فَقُلْتُ: وَيْحَكَ، أَمَا تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَأْسِهِ وَأَنْتَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَامَ عَلَيْكَ فَقُلْتَ: مَا حَاجَتُكَ؟ فَقَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، فَقُلْتَ: اذْهَبْ فَإِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ. فَكَشَفَ عِمَامَتَهُ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ جَلَسَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَرَى إِلَّا أَنَّ مَا تَبَايَعَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ شَيْءٍ يَدًا بِيَدٍ إِلَّا حَلَالًا، حَتَّى سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، حَفِظَا مِنْ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ أَحْفَظْ، فَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. وَرَوَى أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو هَمَّامٍ

<<  <   >  >>