للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَضَرَبُوا بِأَيْدِيهِمُ الْأَرْضَ، ثُمَّ رَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ وَلَمْ يَنْفُضُوا مِنَ التُّرَابِ شَيْئًا، فَمَسَحُوا بِهَا وُجُوهَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ إِلَى الْمَنَاكِبِ، وَمِنْ بُطُونِ أَيْدِيهِمْ إِلَى الْآبَاطِ

هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى فِي آخَرِينَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:

فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى حَدِيثِ عَمَّارٍ هَذَا، وَرَأَوْا مَسْحَ الْيَدَيْنِ إِلَى الْآبَاطِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنُهُ سَالِمٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ.

وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الرُّسْغَيْنِ، وَيُرْوَى هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

ذَهَبَتِ الْفِرْقَةُ الرَّابِعَةُ إِلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَمَكْحُولٍ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ.

وَقَالُوا: حَدِيثُ عَمَّارٍ لَا يَخْلُوا إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَنْ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لَا؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَمْرِهِ فَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافُ هَذَا، وَلَا حُجَّةَ لِأَحَدٍ مَعَ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ، وَإِنْ كَانَ عَنْ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ مَنْسُوخٌ، وَنَاسِخُهُ أَيْضًا حَدِيثُ عَمَّارٍ.

قَرَأْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى الْحَافِظِ، أَخْبَرَكَ أَبُو الْقَاسِمِ غَانِمُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْبُرْجِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، سَمِعَ ذَرَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي سَفَرٍ فَأَجْنَبَ، وَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ، فَقَالَ: لَا تُصَلِّ. فَقَالَ عَمَّارٌ: أَمَا تَذْكُرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنِّي كُنْتُ فِي سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ فِي سَرِيَّةٍ، فَأَجْنَبْنَا

<<  <   >  >>