للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَانَ يُصَلِّي نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَنَزَلَتْ: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَقَدْ صَلَّوْا رَكْعَةً، فَنَادَى: أَلَا إِنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ. فَمَالُوا كَمَا هُمْ رُكُوعٌ نَحْوَ الْقِبْلَةِ

قَرَأْتُ عَلَى رَوْحِ بْنِ بَدْرِ بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَكَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ فِي كِتَابِهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَيْنَمَا النَّاسُ بِقُبَا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبَلُوهَا. وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ.

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي كِتَابَيْهِمَا، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ مَالِكٍ.

وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِمَّنْ يَعْتَبِرُ التَّجَانُسَ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ إِلَى أَنَّ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ كَانَ ثَابِتًا بِالْقُرْآنِ، ثُمَّ نُسِخَ بِالْقُرْآنِ؛ إِذِ الْقُرْآنُ لَا يُنْسَخُ إِلَّا بِالْقُرْآنِ، وَكَذَلِكَ السُّنَّةُ، وَتَمَسَّكُوا فِي ذَلِكَ بِمَا أَخْبَرَنَا طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ بِالرَّيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ الْأَزْرَقُ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَا نُسِخَ مِنَ الْقُرْآنِ فِيمَا ذُكِرَ لَنَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - شَأْنُ الْقِبْلَةِ، قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ فَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَتَرَكَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ، فَقَالَ: سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا يَعْنُونَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَنَسَخَتْهَا، وَصَرَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، فَقَالَ: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ يَعْنِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - ثَمَّ الْوَجْهُ الَّذِي وَجَّهَكُمُ اللَّهُ إِلَيْهِ.

<<  <   >  >>