للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حجية المشهور عند الحنفية]

بقي أن نبين مدى حجية جزء من أجزاء أخبار الآحاد عند غير الحنفية، وقسم مستقل عندهم، والذي يسمونه "المشهور". وقد سبق أن قدمنا مفهومه عندهم.

٢٠٠- ويهمنا هنا أن نعرض لرأي عيسى بن أبان الحنفي، والذي عاش جزءًا من القرن الثاني الهجري "٢٢٠هـ" ... يقول: "إن حجية الخبر المشهور لا تصل إلى ما وصلت إليه حجية المتواتر، لأن العلم الثابت بالتواتر ضروري ويوجب علم اليقين، وبالتالي يكفر جاحده، وليس كذلك المشهور فإن جاحده لا يكفر بالاتفاق، والثابت به إنما هو علم طمأنينة القلب لا علم اليقين؛ لأنه وإن تواتر نقله من الجيل الثاني والثالث؛ التابعين وتابعيهم، فقد بقيت فيه شبهة توهم الكذب عادة باعتبار الأصل الآحادي.

٢٠١- ومع أنه يفيد طمأنينة القلب فقط ولا يفيد علم اليقين فإنه تجوز به الزيادة على النص؛ لأن العلماء عند ما تلقوه بالقبول والعمل به كان ذلك دليلًا موجبًا؛ لأن الإجماع من القرن الثاني والثالث دليل موجب شرعًا، فلهذا جازت الزيادة به على النص. ولهذا قيد إطلاق الكتاب الكريم غسل الرجلين في الوضوء بعدم لبس الخفين لحديث المغيرة المشهور الذي سبق أن ذكرناه ... وخصص حديث تحريم الجمع بين المرأة وعمتها عموم قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُم} ١. وخصص عموم قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} ٢، الآية الكريمة، بحكم الرجم للمحصن في قوله


١ النساء: ٢٤.
٢ النور: ٢.

<<  <   >  >>