للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الرابع: المتصل والمنقطع من الأسانيد]

[عناية النقاد بالأسانيد واتصالها]

٢٩٤- عرفنا في الفصلين السابقين أن جمهور العلماء قد اشترطوا في راوي الحديث، كي يصبح خبره حجة أن يكون مسلمًا عاقلًا عدلًا ضابطًا، وأن يأخذ الحديث بمناهج محددة، من سماع أو عرض أو مناولة أو مكاتبة، وبشروط تجعل الحديث ينتقل انتقالًا موثقًا.

وقد وضعوا هذه الشروط وتلك المناهج حتى ينقل الحديث نقلًا صحيحًا فلا تمتد إليه أيد آثمة بالتبديل والتغيير أو الوضع، فتفسد على المسلمين أمر دينهم.

٤٩٥- وقد كان الكثيرون من الرواة، وخاصة بعد أن وقعت الفتن بين المسلمين، يخفون كيدهم لدين الله عز وجل، ولسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، أو يخفون ضعفهم، بحذف الرواة الضعاف من السند، الأمر الذي لا يمكن معه أن يعرف نقاد الحديث ما إذا كان رواة الحديث تتوافر فيهم شروط الراوي مقبول الرواية أو لا. كما لا يمكنهم أن يعرفوا ما إذا كان الحديث قد انتقل بطرق صحيحة أو لا.

٤٩٦- ولذلك اتفقوا على أهمية السند المتصل في الحديث، لأنه يتيح لهم فرصة التفتيش عن رواته، ومعرفة العدول منهم من المجرحين، وكيف انتقل بين الرواة.

٤٩٧- ويقدم لنا الإمام يحيى بن سعيد القطان ما يبين بداية الاهتمام بالإسناد والبحث عن حلقات سلسلة الرواة، فيروى أن الربيع بن خشيم روى للشعبي حديثًا دون إسناد، فقال له الشعبي: من حدثك؟ قال: عمرو بن ميمون، فذهب إلى عمرو بن ميمون قال له: من حدثك؟ قال: أبو أيوب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال يحيى بن سعيد: وهذا أول ما فتش عن الإسناد.

٤٩٨- وقد سبق أن ذكرنا قول ابن سيرين الذي يبين فيه أنهم سألوا عن الإسناد، ليعرف من كان من أهل السنة فيؤخذ حديثه، ومن كان


١ المحدث الفاصل "المطبوع" ص٢٠٨.

<<  <   >  >>