للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حجية المتواتر والدفاع عن هذه الحجية]

١٣٥- والمتواتر موثوق به، لبعد تهمة التواطؤ على الكذب من ناقليه؛ لكثرة عددهم وتباين أمكنتهم، فهو يضاهي السماع من الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة، و"لهذا كان موجبًا علم اليقين عند جمهور الفقهاء".

ويقول شمس الأئمة السرخسي -مبينًا مقدار الثقة بالمتواتر عند الأحناف والشافعية: "ثم المذهب عند علمائنا أن الثابت بالمتواتر من الأخبار علم ضروري كالثابت بالمعاينة، وأصحاب الشافعي يقولون: الثابت به علم يقين ولكنه مكتسب لا ضروري" ثم حكى قولًا ثالثًا لطائفة قالت: إن المتواتر يفيد علم طمأنينة القلب لا علم اليقين، ومعنى هذا أنه يثبت العلم به مع توهم الغلط أو الكذب، ولكن لرجحان جانب الصدق في نقله تطمئن القلوب إليه١، وكلهم مجمعون -تبعًا لهذا- على حجيته ووجوب العمل به.

منكرو حجية المتواتر:

١٣٦- وإذا ان هذا هو رأي عامة المسلمين، فقد خالفهم من يقول:

إن الخبر -والمتواتر منه- لا يكون حجة أصلًا، ولا يقع العلم به بوجه من الوجوه، لأن الذي تولى نقله المخبرون، ويمكن أن يجتمعوا على اختراعه،


١ المصدر السابق جـ١ ص٢٨٣، ٢٩١، ٢٨٤.

<<  <   >  >>