للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تنازع الناس في القديم هل يجعل من أسماء الله؟ فذهب طائفة كابن حزم إلى أنه لا يسمى قديما بناء على أن الأسماء توقيفية ولم يثبت هذا الاسم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

والمقصود أنه مستعمل في القرآن فيما تقدم على غيره كقوله تعالى: {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} (سورة يس ٣٩) وقوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ} (سورة يوسف ٩٥) وقوله: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} (سورة الأحقاف ١١) وقوله عن إبراهيم: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ} (سورة الشعراء ٧٥ ٧٦) فالمحدث يقابل هذا القديم.

وكان القرآن ينزل شيئا فشيئا فما تقدم نزوله فهو متقدم على ما تأخر نزوله وما تأخر نزوله محدث بالنسبة إلى ذلك المتقدم ولهذا قال: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} (سورة الأنبياء ٢) فدل أن الذكر منه محدث ومنه ما ليس بمحدث.

والذكر كله مخلوق ومحدث مسبوق بالعدم عند القائلين بأن القرآن وغيره من كلام الله مخلوق أو هو كله مخلوق مسبوق بعدم وإن لم نقل مخلوق فلا يكون للتخصيص عندهم معنى لكن يبقى أن يقال فإذا كان موصوفا بالحدوث الأخص وهو تقدم غيره عليه فالحدوث الأعم وهو كونه مسبوقا بالعدم لازم لهذا ولكن هذا لا يقتضي أن يكون نوع الذكر كذلك كما قد عرف.

وهكذا فهم كثير من الناس لكلام السلف والأئمة في القرآن

<<  <  ج: ص:  >  >>