للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب الثامن: في ولاية النقابة على ذوي الأنساب]

...

الفصل الثامن: في ولاية النقابة على ذوي الأنساب

وَهَذِهِ النِّقَابَةُ١ مَوْضُوعَةٌ عَلَى صِيَانَةِ ذَوِي الْأَنْسَابِ الشَّرِيفَةِ عَنْ وِلَايَةِ مَنْ لَا يُكَافِئُهُمْ فِي النَّسَبِ، وَلَا يُسَاوِيهِمْ فِي الشَّرَفِ؛ لِيَكُونَ عَلَيْهِمْ أَحْبَى وَأَمْرُهُ فِيهِمْ أَمْضَى.

رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "اعْرَفُوا أَنْسَابَكُمْ تَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّهُ لَا قُرْبَ بِالرَّحِمِ إذَا قُطِعَتْ وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً، وَلَا بُعْدَ بِهَا إذَا وُصِلَتْ وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً" ٢.

وَوِلَايَةُ هَذِهِ النِّقَابَةِ تَصِحُّ مِنْ إحْدَى ثَلَاثِ جِهَاتٍ:

إمَّا مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى كُلِّ الْأُمُورِ.

وَإِمَّا مِمَّنْ فَوَّضَ الْخَلِيفَةُ إلَيْهِ تَدْبِيرَ الْأُمُورِ؛ كَوَزِيرِ التَّفْوِيضِ وَأَمِيرِ الْإِقْلِيمِ.

وَإِمَّا مِنْ نَقِيبٍ عَامِّ الْوِلَايَةِ اسْتَخْلَفَ نَقِيبًا خَاصَّ الْوِلَايَةِ، فَإِذَا أَرَادَ الْمَوْلَى أَنْ يُوَلِّيَ عَلَى الطَّالِبِيِّينَ نَقِيبًا أَوْ عَلَى الْعَبَّاسِيِّينَ نَقِيبًا يُخَيِّرُ مِنْهُمْ أَجَلَّهُمْ بَيْتًا وَأَكْثَرَهُمْ فَضْلًا وَأَجْزَلَهُمْ رَأْيًا فَيُوَلَّى عَلَيْهِمْ؛ لِتَجْتَمِعَ فِيهِ شُرُوطُ الرِّيَاسَةِ وَالسِّيَاسَةِ، فَيُسْرِعُوا إلَى طَاعَتِهِ بِرِيَاسَتِهِ، وَتَسْتَقِيمُ أُمُورُهُمْ بِسِيَاسَتِهِ.

وَالنِّقَابَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: خَاصَّةٌ وَعَامَّةٌ، فَأَمَّا الْخَاصَّةُ فَهُوَ أَنْ يَقْتَصِرَ بِنَظَرِهِ عَلَى مُجَرَّدِ النِّقَابَةِ مِنْ غَيْرِ تَجَاوُزٍ لَهَا إلَى حُكْمٍ وَإِقَامَةِ حَدٍّ، فَلَا يَكُونُ الْعِلْمُ مُعْتَبَرًا فِي شُرُوطِهَا.


١ النقابة -بالكسر، الاسم، وبالفتح المصدر، مثل الولاية والولاية، وفي حديث عبادة بن الصامت -وكان من النقباء؛ جمع نقيب، وهو كالعريف على القوم، المقدَّم عليهم، الذي يتعرف أخبارهم، وينقب عن أحوالهم، أي: يفتش، وكان النبي قد جعل ليلة العقبة كل واحد من الجماعة الذين بايعوه بها نقيبًا على قومه وجماعته؛ ليأخذوا عليهم الإسلام ويعرفوهم شرائطه، وكانوا اثني عشر نقيبًا كلهم من الأنصار، وكان عبادة بن الصامت منهم. وقيل: النقيب: الرئيس الأكبر. وقولهم: في فلان مناقب جميلة، أي: أخلاق، وهو حسن النقيبة، أي: جميل الخليقة، وإنما قيل: للنقيب نقيب؛ لأنه يعلم دخيلة أمر القوم، ويعرف مناقبهم، وهو الطريق إلى معرفة أمورهم. [اللسان: ١/ ٧٧٠] .
٢ صحيح: رواه الحاكم في المستدرك "٣٠١"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجه أحد منهما، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع "١٠٥١".

<<  <   >  >>