للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل: "في وجوب اختيار الأصلح"]

فَإِذَا اجْتَمَعَ أَهْلُ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ لِلِاخْتِيَارِ تَصَفَّحُوا أَحْوَالَ أَهْلِ الْإِمَامَةِ الْمَوْجُودَةِ فِيهِمْ شُرُوطُهَا، فَقَدَّمُوا لِلْبَيْعَةِ مِنْهُمْ أَكْثَرَهُمْ فَضْلًا وَأَكْمَلَهُمْ شُرُوطًا، وَمَنْ يُسْرِعُ النَّاسُ إلَى طَاعَتِهِ، وَلَا يَتَوَقَّفُونَ عَنْ بَيْعَتِهِ، فَإِذَا تَعَيَّنَ لَهُمْ مِنْ بَيْنِ الْجَمَاعَةِ مَنْ أَدَّاهُمْ الِاجْتِهَادُ إلَى اخْتِيَارِهِ عَرَضُوهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ أَجَابَ إلَيْهَا بَايَعُوهُ عَلَيْهَا، وَانْعَقَدَتْ بِبَيْعَتِهِمْ لَهُ الْإِمَامَةُ١، فَلَزِمَ كَافَّةَ


١ قلت: كلَّا والله لم تنعقد إلَّا بعد بيعة غالبية الأمة له، فبيعة أبي بكر -رضي الله عنه- لم تتمّ إلّا بعد مبايعة غالبية أهل المدينة، وكذلك مبايعة غالبية باقي الأمصار.
يقول الدكتور فهمي عبد الجليل: "فبيعة أبي بكر -رضي الله عنه- حدثت في مجلسٍ ضمَّ عامَّة الأنصار، وهم أكثرية أهل المدينة، وإذا كانت الخلاصة قد سبقت إلى بيعته، فإنَّ بيعة العامَّة من الحاضرين لمجلس السقيفة هي التي أعطت الشرعية لهذه البيعة".
كذلك كان اختيار أبي بكر لعمر للخلافة من بعده بناءً على موافقة الأمَّة، فقد روي أنه -رضي الله عنه- قال: "أترضون بمن أستخلف عليكم، فقالوا جميعًا: سمعنا وأطعنا".
وكذلك كان اختيار عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بناءً على اختيار الأمَّة، فكان عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- يسأل قبل أن يعلن عن الخليفة الذي تَمَّ اختياره من الأمَّة.
يقول الإمام السيوطي: "بويع بالخلافة -أي: عثمان- بعد دفن عمر بثلاث ليالٍ، فروي أنَّ الناس كانوا يجتمعون في تلك الأيام إلى عبد الرحمن بن عوف يشاورونه ويناجونه، فلا يخلو به رجل ذو رأي فيعدل بعثمان أحدًا، ولمَّا جلس عبد الرحمن للمبايعة، حمد الله وأثنى عليه وقال في كلامه: إنِّي رأيت الناس يأبون إلّا عثمان.
ثم جاءت بيعة علي -رضي الله عنه- بناءً على اختيار الأمة؛ لتؤكِّد على دور العامَّة في اختيار من يمثِّلها، سواء كان الخليفة أو أهل الشورى أو غير ذلك.

<<  <   >  >>