للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب العشرون: في أحكام الحسبة]

الحسبة١: هي أمر بالمعروف إذا ظهر تركه، ونهي عن المنكر إذا أظهر فعله. وقال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: ١٠٤] .

وهذا، وإن صح من كل مسلم، فالفرق فيه بين المتطوع والمحتسب٢ من تسعة أوجه:

أحدها: إنَّ فرضه متعيّن على المحتسب بحكم الولاية، وفرضه على غيره داخل في فروض الكفاية.

والثاني: إنَّ قيام المحتسب به من حقوق تصرفه الذي لا يجوز أن يتشاغل عنه، وقيام المتطوع به من نوافل عمله الذي يجوز أن يتشاغل عنه بغيره.

والثالث: إنَّه منصوب للاستعداء إليه فيما يجب إنكاؤه، وليس المتطوع منصوبًا للاستعداء.

والرابع: إنَّ على المحتسب إجابة من استعداه، وليس على المتطوع إجابته.

والخامس: إنَّ عليه أن يبحث عن المنكرات الظاهرة؛ ليصل إلى إنكارها، ويفحص


١ الحسبة لغة: اسم من الاحتساب كالعدة من الاعتداد، والاحتساب في الأعمال الصالحات وعند المكروهات: هو البدار إلى طلب الأجر، وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها، طلبًا للثواب المرجوّ منها. وفي حديث عمر: أيها الناس، احتسبوا أعمالكم، فإن من احتسب عمله، كتب له أجر عمله وأجر حسبته. [اللسان: ١/ ٣١٥] .
ويقول ابن سيده: والاحتساب: طلب الأجر، والاسم الحسبة، واحتسب فلان على فلان: أنكر عليه قبيح عمله. [المحكم والمحيط الأعظم في اللغة: ص ١٤٩] .
وشرعًا: المنعة عن المنكر لحق الله، صيانة للممنوع عن مقارفة المنكر. [إحياء علوم الدين: ٢/ ٣٢١] .
٢ يقول ابن تيمية: وأمَّا المحتسب، فله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مما ليس من اختصاصات الولاة والقضاء وأهل الديوان ونحوهم. [الحسبة في الإسلام: ص ٨] .

<<  <   >  >>