للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أولا: الوصل للتوسط بين كمال الاتصال وكما الانقطاع:

وهي أن تختلفا خبرا وطلبا، وأن يكون المقام مشتملا على ما يزيل الاختلاف من تضمين الخبر معنى الطلب، أو الطلب معنى الخبر ومشركا بينهما في جهات جامعة، ومثله قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، وَأَلْقِ عَصَاكَ} ١. فإن الكلام مشتمل على تضمين الطلب معنى الخبر، وذلك أن قوله: {وَأَلْقِ عَصَاكَ} معطوف في على قوله {أَنْ بُورِكَ} والمعنى: فلما جاءها قيل بورك وقيل ألق عصاك، لما عرفت في علم النحو أن هذه لا تأتي إلا بعد فعل في معنى القول، وإذا قيل: كتبت إليه أن ارجع، وناداني أن قم، كان بمنزلة: قلت له ارجع وقال لي قم. ومن ذلك: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا} ٢ أي وقلنا: اتخذوا، إلى غيرها من الشواهد التي عددها السكاكي.

أو أن تتفق الجملتان خبرا، والمقام على حال إشراك بينهما في جوامع، ثم كلما كانت الشركة أكثر وأظهر كان الوصل بالقبول أجدر، وذلك مثل قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} ٣، وقوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ، وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} ٤، وغير ذلك"٥.


١ النمل: ٨-١٠.
٢ البقرة: ١٢٥.
٣ سبأ: ٢، الحديد: ٤.
٤ الانفطار: ١٣-١٤.
٥ المفتاح ١٤٦ و١٤٧.

<<  <   >  >>