للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، وترك ذلك مرة فاعتكف في شوال.

والمقصود من ذلك: هو التفرغ للعبادة والخلوة بالله لذلك، وهذه هي الخلوة الشرعية.

وقال بعضهم في تعريف الاعتكاف: "هو قطع العلائق عن كل الخلائق للاتصال بخدمة الخالق".

والمقصود من ذلك: قطع العلائق الشاغلة عن طاعة الله وعبادته، وهو مشروع في رمضان وغيره كما تقدم، ومع الصيام أفضل، وإن اعتكف من غير صوم فلا بأس على الصحيح من قولي العلماء، لما ثبت في الصحيحين عن عمر رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، -وكان ذلك قبل أن يسلم- فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أوف بِنَذْرك".

ومعلوم أن الليل ليس مَحَلا للصوم، وإنما محله النهار، ولا بأس بالنوم والأكل فى المسجد للمعتكف وغيره؛ لأحاديث وآثار وردت في ذلك؛ ولما ثبت من حال أهل الصفةّ مع مراعاة الحرص على نظافة المسجد والحذر من أسباب توسيخه من فضول الطعام أو غيرها؛ لما جاء في الحديث عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "عُرِضَت عَلَي أُجُور أُمَّتي حَتى القَذَاة يُخْرِجها الرجل من المسجِد" رواه أبو داود والترمذي وصححه ابن خزيمة. ولحديث عن -عائشة رضي الله عنها-، "أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب" رواه الخمسة إلا النسائي وسنده جيد.

والدُّور: هي الحارات والقبائل القاطنة في المدن.

وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل به، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا إنه سميع قريب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (١) .

[متى يبدأ دخول المعتكف المسجد في العشر الأواخر ومتى ينتهي؟]

- وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:


(١) "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (٣/٢٦٤، ٢٦٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>