للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو بكر المروزي: قال لي أبو عبد الله ونحن بالعسكر: ألا تعجب! كان قوتي فيما مضى أرغفة؛ وقد ذهبت عني شهوة الطعام فما أشتهيه، قد كنت في السجن آكل وذلك عندي زيادة في إيماني وهذه نقصان، وقال لنا يوماً ونحن بالعسكر: لي اليوم ثمان لم آكل شيئاً ولم أشرب إلا أقل من ربع سويق، وكان يمكث ثلاثاً لا يطعم وأنا معه، فإذا كان الليلة الرابعة أضع بين يديه قدر نصف ربع سويق، فربما شربه وربما ترك بعضه.

وكلم في أمره في الحمل على نفسه فقيل له: لو أمرت بقدر تطبخ لك ليرجع إليك نفسك فقال: الطبيخ طعام المطمئنين، مكث أبو ذر ثلاثين يوماً ما له طعام إلا ماء زمزم، وهذا إبراهيم التيمي كان يمكث في السجن كذا وكذا لا يأكل، وهذا ابن الزبير كان يمكث سبعاً (١) .

كتب المتوكل إلى خلفيته أن يحمل أحمد إليه، فحمل إليه، فلما قدم أحمد أمر أن يفرغ له قصر ويبسط له فيه ويجري على مائدته كل يوم كذا وكذا، وأراد أن يسمع ولده الحديث فأبى أحمد ولم يجلس على بساطه، ولم ينظر إلى مائدته وكان صائماً، فإذا كان عند الإفطار أمر رفيقه الذي معه أن يشتري له ماء الباقلاء فيفطر عليه، فبقي أياماً على هذه الحال، وكان علي بن الجهم من أهل السنة حسن الرأي في أحمد، فكلم أمير المؤمنين فيه، وقال: هنا رجل زاهد لا ينتفع به، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن له؟ ففعل ورجع أحمد إلى منزله" (٢) .

[(٤١) صوم إبراهيم بن هانئ النيسابوري]

الإمام العلم أبو إسحاق النيسابوريّ.

قال الخطيب: "كان أحد الأبدال" (٣) .

قال الإمام أحمد: "إن يكن أحد ممن يعرف من الأبدال فإبراهيم بن هانئ".


(١) "المناقب" (٤٥٦) .
(٢) "المناقب" (٤٥٧، ٤٥٨) .
(٣) "تاريخ بغداد" (٦/٢٠٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>