للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الشيخ الموفق يقول: ما نقدر نعمل مثل العماد.

قال الضياء: لم أر أحداً أحسن صلاة منه ولا أتم خشوع وخضوع، قيل: كان يسبح عشراً يتأنى فيها، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وكان إذا دعا كان القلب يشهد بإجابة دعائه من كثرة ابتهاله وإخلاصه، ومن دعائه المشهور: "اللهم اغفر لأقسانا قلباً، وأكبرنا ذنباً، وأثقلنا ظهراً، وأعظمنا جرماً".

"يا دليل الحيارى دلنا على طريق الصادقين واجعلنا من عبادك الصالحين".

قال عنه الموفق: ما أعلم أنني رأيت أشد خوفاً منه (١) .

[(٥٣) صوم ثابت البناني]

المتعبد الناحل، والمتهجد الذابل أبي محمد.

قال عنه أنس: إن للخير مفاتيح, وإن ثابتاً مفتاح من مفاتيح الخير.

قال شعبة: كان ثابت يقرأ القرآن في يوم وليلة، ويصوم الدهر.

قال بكر بن عبد الله: من أراد أن ينظر إلى أعبد أهل زمانه فلينظر إلى ثابت البناني فما أدركت الذي هو أعبد منه، إنه ليظل في اليوم المعمعاني (٢) الطويل ما بين طرفيه صائماً يروح ما بين جبهته وقدمه (٣) .

وكان رحمه الله يقول: لا يسمى عابد أبداً عابداً، وإن كان فيه كل خصلة خير حتى تكون فيه هاتان الخصلتان، الصوم والصلاة، لأنهما من لحمه ودمه (٤) .

قال المبارك بن فضالة: دخلت على ثابت البناني في مرضه وهو في علوله، وكان لا يزال يذكر أصحابه فلما دخلنا عليه، قال: يا إخوتاه لم أقدر أن أصلي البارحة كما كنت أصلي، ولم أقدر أن أصوم كما كنت أصوم، ولم أقدر أن أنزل


(١) "سير أعلام النبلاء" (٢٢/٤٨, ٤٩) .
(٢) في "النهاية": كان ابن عمر يتتبع اليوم المعمعاني فيصومه، أي الشديد الحر.
(٣) "حلية الأولياء" (٢/٣١٨) .
(٤) "حلية الأولياء" (٢/٣١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>