للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالثمرة الأخيرة منه الاستجابة والإيمان هي لهم كذلك.. وهي الرشد والهدي والصلاح فالله غني عن العالمين.

والرشد الذي ينشئه الإيمان وتنشئه الاستجابة لله هو الرشد، واستجابة الله للعباد مرجوة حين يستجيبون له وهم يرشدون. وعليهم أن يدعوه ولا يستعجلوه.. فهو يقدر الاستجابة في وقتها بتقديره الحكيم" (١) فسبحان من أطمع المطيع والعاصي، والداني والقاصي في الانبساط إلى حضرة جلاله برفع الحاجات والأماني بقوله: (أجيب دعوة الداع إذا دعان) .

يقول الرازي في "مفاتيح الغيب": "تدل على تعظيم حال الدعاء من وجوه: الأول: كأنه سبحانه وتعالى يقول: عبدي أنت إنما تحتاج إلى الواسطة في غير وقت الدعاء، أما في مقام الدعاء فلا واسطة بيني وبينك.

الثاني: أن قوله: (وإذا سألك عبادي) يدل على أن العبد له، وقوله تعالى: (فإني قريب) يدل على أن الرب للعبد.

والثالث: لم يقل فالعبد مني قريب، بل قاله: أنا منه قريب" (٢) .

وانظر إلى كرم الجواد الذي إذا لم يُسأل يغضب فقال تعالى: (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون) [الأنعام: ٤٣] ، وقال تعالى: (قل ما يعبأ بكم ربكم لولا دعاؤكم) .

وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنه من لم يسأل الله يغضب عليه" (٣) .

وقال الشاعر:

فالله يغضب إن تركت سؤاله ... وبُني آدم حين يسأل يغضب


(١) "الظلال" (١/١٧٢-١٧٣) .
(٢) "مفاتيح الغيب" (٣/٩٥) .
(٣) صحيح: رواه الترمذي عن أبى هريرة وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (٢٤١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>