للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللعن والسخرية والاستهزاء وإلزامه السكوت والصمت وشغله بذكر الله سبحانه وتلاوة القرآن فهذا صوم اللسان.

فمن أطلق عذبة اللسان وأهمله مرخي العنان سلك به الشيطان في كل ميدان وساقه إلى شفا جرف هار إلى أن يضطره إلى البوار، ولا يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائدُ ألسنتهم.

وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت" (١) .

وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "عليك بحسن الخلق وطول الصمت، فوالذي نفسي بيده ما تجمل الخلائقُ بمثلهما" (٢) .

وقال الحسن: ما عقل دينه من لم يحفظ لسانه.

وقال محمد بن واسع لمالك بن دينار: يا أبا يحيى حفظ اللسان أشد على الناس من حفظ الدينار والدرهم.

وليتدبر الإنسان قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) [ق ١٨] .

قال الحسن: يا ابن آدم قد بسطت لك صحيفة ووكل بها ملكان كريمان يكتبان أعمالك فاعمل ما شئت وأكثر وأقل.

قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت؛ فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت؛ فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة" (٣) .

وكان علقمة يقول: كم من كلام منعنيه حديث بلال بن الحارث وليعلم العبد أن الموت بين يديه، وأنه مسؤول عن كل كلمة، وأن أنفاسه رأس ماله، وأن لسانه شبكة يقدر أن يقتنص بها الحور العين فإهماله ذلك وتضييعه خسران مبين.


(١) رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة.
(٢) حسن: رواه ابن أبي الدنيا، والبزار، والطبراني في "الأوسط"، والبيهقي في "شعب الإيمان" عن أنس، وأبو الشيخ عن أبي ذر وأبي الدرداء وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (٤٠٤٨) .
(٣) رواه مالك وأحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن بلال بن الحارث وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (١٦١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>