للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخنزير إذا استطاب لفاظة الإنسان فما هو إلا كاستطابتنا لفاظة الشجر" (١) .

- حسب ابن آدم لقيمات وذلك دون عشر لقيمات لأن جمع القلة بالألف والتاء لما دون العشرة.

ومن أكل كثيراً نام كثيراً فخسر كثيراً، وفي كثرة النوم ضياع العمر وفوت التهجّد، وإن تهجد لم يجد حلاوة العبادة.

يقول الحسن: "حتى إذا أخذته الكظة ونزلت به البطنة قال: يا غلام ائتني بشيء أهضم به طعامي، يا لكع أطعامك تهضم؟ إنما تهضم دينك".

ومن أخلى معدته من الطعام فلا يكفيه ذلك لرفع الحجاب ما لم يخل همته من غير الله عز وجل وذلك هو الأمر كله.

السادس: أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقاً بين الخوف والرجاء (٢) :

إذ ليس يدري أيُقبل صومه فهو من المقربين أو يرد عليه فهو من الممقوتين؟ وليكن كذلك في آخر كل عبادة يفرغ منها.

فقد رُوي عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه مر بقوم وهم يضحكون فقال: "إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه، يستبقون فيه لطاعته فسبق قوم ففازوا، وتخلف قوم فخابوا، فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب فيه المبطلون. أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته" أي كان سرور المقبول يشغله عن اللعب، وحسرة المردود تسدّ عليه باب الضحك.

وعن الأحنف بن قيس: "أنه قيل له إنك شيخ كبير وإن الصيام يضعفك، فقال: إني أعده لسفر طويل، والصبر على طاعة الله أهون من الصبر على عذابه. فهذه هي المعاني الباطنة في الصوم".

فالمقصود من الصوم: قمع الشهوات والارتفاع إلى أعلى عليين. والالتحاق بأفق


(١) "الذريعة إلى مكارم الشريعة" (ص ٣١١) .
(٢) هذه الشروط الستة ذكرها الغزالي في "الإحياء" (١/٢٧٥-٢٨٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>