للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن رجب: "وقد اختلف العلماء رضي الله عنهم هل كان صوم يوم عاشوراء قبل فرض شهر رمضان واجبا؟ أم كان سُنة متأكدة؟ على قولين مشهورين ومذهب أبي حنيفة أنه كان واجباً حينئذ وهو ظاهر كلام أحمد وأبي بكر الأثرم وقال الشافعي رحمه الله: بل كان متأكد الاستحباب فقط وهو قول كثير من أصحابنا وغيرهم" (١) .

قال ابن حجر: اختلف السلف هل فرض على الناس صيام قبل رمضان أو لا؟

فالجمهور -وهو المشهور عند الشافعية- أنه لم يجب قط صوم قبل صوم رمضان، وفي وجه وهو قول الحنفية أول ما فرض صيام عاشوراء، فلما نزل رمضان نسخ.

فمن أدلة الشافعية حديث معاوية مرفوعاً: "لم يكتب الله عليكم صيامه"، ومن أدلة الحنفية ظاهر حديثي ابن عمر وعائشة المذكورين بلفظ الأمر، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "صام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عاشوراء وأمر بصيامه، فلما فُرض رمضان ترك، وكان عبد الله لا يصومه إلا أن يوافق صومه" رواه البخاري.

وحديث مسلمة مرفوعاً: "من أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم" (٢) .

قال ابن حجر في "الفتح" (٤/٢٩٠) ذاهباً إلى وجوب عاشوراء قبل فرض رمضان: "قوله: "ولم يكتب عليكم صيامه" وقد استدل به على أنه لم يكن فرضاً فقط، ولا دلالة فيه لاحتمال أن يريد: ولم يكتب الله عليكم صيامه على الدوام كصيام رمضان، وغايته أنه عام خص بالأدلة الدالة على تقدم وجوبه، أو المراد أنه لم يدخل في قوله تعالى: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) ثم فسره بأنه شهر رمضان، ولا يناقض هذا الأمر السابق بصيامه الذي صار منسوخاً، ويؤيد ذلك أن معاوية إنما صحب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من سنة الفتح، والذين شهدوا أمره بصيام عاشوراء والنداء بذلك شهدوه في السنة الأولى أوائل العام الثاني، ويؤخذ من


(١) "لطائف المعارف" (ص ٤٧) .
(٢) "فتح الباري" (٤/١٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>