للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا صام من صام الدهر، صوم ثلاثة أيام صوم الدهر كله" (١) .

* قال ابن حجر (٤/٢٦١-٢٦٣) : "المعنى أنه لم يحصل أجر الصوم لمخالفته، ولم يفطر لأنه أمسك".

* وإلى كراهة صوم الدهر مطلقاً ذهب إسحاق وأهل الظاهر، وهي رواية عن أحمد. وشذّ ابن حزم فقال: يحرم.

وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن أبي عمرو الشيباني قال: "بلغ عمر أن رجلاً يصوم الدهر، فأتاه فعلاه بالدرة وجعل يقول: كل يا دهري".

* وإلى الكراهة مطلقاً ذهب ابنُ العربي من المالكية فقال: قوله: "لا صام من صام الأبد" إن كان معناه الدعاء فيا ويح من أصابه دعاء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإن كان معناه الخبر فيا ويح من أخبر عنه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه لم يصم، وإذا لم يصم شرعاً لم يكتب له الثواب لوجوب صدق قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأنه نفى عنه الصوم، وقد نفى عنه الفضل كما تقدم، فكيف يطلب الفضل فيما نفاه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -".

* وذهب آخرون إلى جواز صيام الدهر وحملوا أخبار النهي على من صامه حقيقة فإنه يدخل فيه ما حرم صومه كالعيدين وهذا اختيار ابن المنذر وطائفة، ورُوي عن عائشة نحوه.

* وذهب آخرون إلى استحباب صيام الدهر لمن قوي عليه ولم يفوت فيه حقًّا، وإلى ذلك ذهب الجمهور.

قال السبكي: أطلق أصحابنا كراهة صوم الدهر لمن فوّت حقَّا، ولم يوضحوا هل المراد الحق الواجب أو المندوب، ويتجه أن يقال: إن علم أنه يفوت حقا واجباً حرم، وإن علم أنه يفوت حقًّا مندوباً أولى من الصيام كره، وإن كان يقوم مقامه فلا.

ومن حجتهم حديث حمزة بن عمرو فإن في بعض طرقه عند مسلم أنه قال: "يا رسول الله إني أسرد الصوم" فحملوا قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعبد الله بن عمرو: "لا أفضل من ذلك" أي في حقك فيلتحق به من في معناه ممن يدخل فيه على نفسه مشقة أو يفوت حقا، ولذلك


(١) رواه البخاري عن ابن عمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>