للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هجمت (١) له عينك، ونفهت (٢) له النفس، لا صام من صام الدهر. صوم ثلاثة أيام صوم الدهر كله قلت: فإني أطيق أكثر من ذلك. قال: "فصم صوم داود، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، ولا يفر إذا لاقى وفي رواية: "وهو أفضل الصيام". فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك. قال: "لا أفضل من ذلك" (٣) .

* قال ابنُ مفلح في "الفروع" (٣/١١٤-١١٥) : "يكره صوم الدهر إذا أدخل فيه يومي العيدين وأيام التشريق، ذكره القاضي وأصحابه، والكراهة كراهة تحريم، ذكره صاحب "المغني" و"المحرر" وغيرهما وهو واضح. وإن أفطر أيام النهي جاز خلافاً للظاهرية ولم يكره والمراد إذا لم يترك به حقًّا ولا خاف منه ضرراً. نقل حنبل: إذا أفطر أيام النهي فليس ذلك صوم الدهر. ونقل صالح: إذا أفطرها رجوت أن لا بأس به، وهذا اختيار القاضي وأصحابه وصاحب "المحرر" والأكثر، وذكر مالك أنه سمع أهل العلم يقولونه لقول حمزة بن عمرو: "يا رسول الله، إني أسرد الصوم، أفأصوم في السفر؟ " قال: "إن شئت فصُم" متفق عليه، ولأن أبا طلحة وغيره من الصحابة وغيرهم فعلوه، ولأن الصوم مطلوب للشارع إلا ما استثناه.

واختار صاحب "المُغني": يُكره، وهو ظاهر رواية الأثرم.

وللحنفية قولان، وقال شيخُنا: الصواب قول من جعله تركا للأولى أو كرهه فعلى الأول صوم يوم وفطر يوم أفضل منه، خلافاً لطائفة من الفقهاء والعباد، ذكره شيخنا، وهو ظاهر حال من سرده، ومنهم أبو بكر النجاد من أصحابنا.

قال أحمد: "ويعجبني أن يفطر منه أياماً، يعني أنه أولى، للخروج من الخلاف، وجزم به جماعة، وقاله إسحاق، وليس المراد الكراهة فلا تعارض".

* قال ابن رشد في "بداية المجتهد" (٢/١٩٧-١٩٨) [مالكي] : "أما صيام الدهرِ فإنه قد ثبت النهي عن ذلك، لكن مالك لم ير بذلك بأساً، وعسى رأي النهي في ذلك إنما هو من باب خوف الضعف والمرض".


(١) هجمت: غارت.
(٢) نفهت: أعيت.
(٣) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>