للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: "الأصل أن النيّه لا يصح اعتبارها إلا بالمقارنة، أو مقدمة مع عدم اعتراض ما ينافي المنوي بعدها قبل الشروع فيه، فإنه يقطع اعتبارها على ما قدمنا في شروط الصلاة" (١) .

ولم يجب فيما نحن فيه، لا المقارنة وهو ظاهر، فإنه لو نوى بعد الغروب أجزأه، ولا عدم تخلل المنافي لجوازالصوم بنية يتخلل بينها وبينه الأكل والشرب والجماع مع انتفاء حضورها بعد ذلك إلى انقضاء يوم الصوم (٢) . ثم أخذ يبين الحرج الذي سينشأ من عدم إجازة النية من النهار: "فكثير من النّاس يقع في الحرج لو لم تجز من النهار، كالذي نسيها ليلاً، وفي حائض طهرت قبل الفجر ولم تعلم إلا بعده، وهو كثير جداً، فإن عادتهن وضع الكرسف عشاء، ثم النوم، ثم رفعه بعد الفجر، وكثير ممن تفعلن ذلك تصبح فترى الطهر، وهو محكوم بثبوته قبل الفجر، ولذا نلزمها بصلاة العشاء، وفي صبي بلغ بعده، ومسافر أقام، وكافر أسلم" (٣) .

ثم قال: "فيجب القول بصحتها نهاراً، وتوهم أنَّ مقتضاه قصر الجواز على هؤلاء، أن هؤلاء لا يكثرون كثرة غيرهم بعيد عن النظر ... " (٤) .

فهو بذلك يثبت أن "المعنى الذي لأجله صحت النية المتقدمة لذلك التيسير ودفع الحرج موجود في النية المتأخرة ... " (٥) .

والإجابة على ذلك أن القول بهذا يلزمهم القول بإجازة الصوم بنيّة من النهار قبل الزوال وبعده، لا كما يقولون بأن النية بعد الزوال لا تصح، وذلك لأنَّ الحرج قد يوجد بعد الزوال، فقد يبلغ الصبي، ويسلم الكافر، ويفيق المجنون، ويصحو المغمى عليه، وهم لا يقولون بذلك.

ثمّ إنَّ إجازة صوم هؤلاء من النهار بلا نية على القول به كما هو مذهب ابن حزم


(١) المصدر السابق.
(٢) المصدر السابق.
(٣) "فتح القدير" (٢/٤٨) ، بتصرف يسير.
(٤) المصدر السابق.
(٥) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>