للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعينّ للأولين، ولكنّه متعين لصوم رمضان. وجوابنا أن وقت الصلاة قد يتضيق على المصلّي بألا يبقى إلا ما يكفي لصلاة الفرض، فهل تصح صلاته فرضاً إذا نوى أن يصليها نفلاً.

الأحناف هنا لا يخالفون غيرهم في أنَّ الصلاة لا تصحُّ فرضاً، على الرغم من أنَّ الوقت لا يتسع لغير الفريضة، ولا فرق بين هذه الحالة وصوم رمضان.

[النية لكل يوم]

مذهب مالك وإسحق ورواية عن أحمد أنه يجزيء الصائم نيّة واحدة لجميع الشهر في أوله (١) .

واستدوا على ذلك بأدلة منها:

أولاً: أنَّ صوم الشهر عبادة واحدة.

ثانياً: أنَّ الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "ولكل امريء ما نوى"، وهذا نوى صيام الشهر فله ما نوى.

ثالثاً: قاسوا الصوم على الحج، فالحج: طوافه، وسعيه، والوقوف بعرفة ... إلخ، يجزيء بنيّة واحدة.

وذهب الإمام الشافعي وأبو حنيفة ورواية عن أحمد إلى القول بوجوب نيّة مستقلّة لكلّ يوم (٢) .

وهذا هو المذهب الراجح؛ لأنَّ صوم كلّ يوم عبادة مستقلة، يدلّ على ذلك أنَّ فساد بعض أيام الشهر لا يفسد بعضها الآخر. ولأنه يتخلل صوم أيام الشهر ما ينافيها؛ إذ يباح في الليل الطعام والشراب والنكاح.

وقد وهم من قاس أيام رمضان على أعمال الحج باعتبار التعدّد للأفعال، لأن الحج عمل واحد، ولا يتم إلا بفعل ما اعتبره الشارع من المناسك، والإخلال بواحد من أركانه يستلزم عدم إجزائه.


(١) "المغني" لابن قدامة (٣/٩٧) ، "العيني على البخاري" (١/٣٣) ، "الإفصاح" (١/١٥٧) .
(٢) المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>