للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"يصحّ في أيّ لحظة، لكن يشترط ألا يتصل غروب الشمس بالنيّة، بل يبقى بينهما زمن ولو أدنى لحظة" (١) .

وهذا مذهب الحنابلة أيضاً أنه: "يصح صوم النفل بنية من النهار قبل الزوال وبعده، هذا هو المذهب، نصّ عليه، وعليه أكثر الأصحاب" (٢) .

وهذا القول هو الراجح؛ لأنَّ النصوص الدالة على جواز الصوم بالنيّة من النّهار لم تُفرّق بين إحداث النية قبل الزوال وبعده.

شروط من أجاز صوم النفل بنيّةٍ من النهار:

يشترط الذين يقولون بصحة صيام من أحدث النية من النهار ألا يأتي بمناف قبل أن ينوي من أكل أو شرب أو جماع.

وذهب أبو العباس بن سريج (٣) ، ومحمد بن جرير الطبري إلى أن من شرب أو أكل أو جامع من النهار، ثم نوى بعد ذلك الصوم تطوعاً صحّ صومه (٤) .

قال النووي: "وهذا خلاف قول جماهير العلماء" (٥) .

ويدلّ على بطلان هذا القول أن القرآن اشترط الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى الليل، فهذا الذي تناول المفطرات عمداً في النهار لا يصحّ الصوم منه، لأنه أكل بعد الفجر، فالشارع أباح تأخير النيّة، ولم يبح ابتداء الصوم لمن تناول مفطراً من النهار.

[المقدار الذي يثاب عليه الناوي من النهار:]

قال الشافعي يثاب من حين نوى (٦) ، ويمكن أن يحتجّ له بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنما الأعمال


(١) "المجموع" (٦/٣٣٥) .
(٢) "الإنصاف" (٣/٢٩٧) .
(٣) هو أحمد بن عمر بن سريج الشافعي، مولده ووفاته ببغداد سنة (٢٤٩-٣٠٦هـ) ، ولي قضاء شيراز، له أربعمائة مصنف، كان ناصراً للسنة خاذلا للبدعة، حاضر الجواب، له مناظرات ومساجلات.
راجع: "تاريخ بغداد" (٤/٢٨٧) ، "الأعلام" (١/١٧٨) .
(٤) "المجموع" (٦/٣٢٦) .
(٥) "المجموع" (٦/٣٢٦) .
(٦) "الهداية" (٢/٥١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>