للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منفذا يتسرب منه الهواء إليها ... ويظل هذا المنفذ مفتوحًا لا يسده الجليد، وذلك بتأثير أنفاسها الساخنة والحرارة المنبعثة من جسمها.

وبالرغم من أنها تصوم أثناء مبيتها الشتوي فإن لبنها يدر بغير انقطاع لتغذية ولديها ... وتعتبر هذه الظاهرة من المعجزات الإلهية ... إذ كيف يتيسر لها أن تدبر هذا السيل المستمر من الغذاء بدون أن تتناول شيئا من الطعام؟

والسر في ذلك يرجع إلى أنها أثناء الصيف تلتهم كميات وافرة من الغذاء الذي يتحول بعضه إلى طبقة سميكة من الدهن تحت جلدها ... وفي الشتاء يؤدي هذا الدهن ثلاث وظائف ضرورية لحياتها ولذريتها. فهو يقيها البرد أثناء رقادها تحت الجليد ... ويتحول جزء منه إلى غذاء صالح لها ويتحول جزء آخر إلى لبن يعول ولديها.

ووكالات الأنباء والصحافة العالمية، تطالعنا أحيانًا بخبر عن رجل هندي يرقد في صندوق معدني، مصنوع بطول جسمه وعرضه ... ويأتي أعوانه فيغطون الصندوق، ويحكمون إغلاقه ويضعونه في قاع حمام السباحة، ويتركونه تحت الماء ساعة كاملة، ثم يرفعونه ويفتحونه فيرى النظارة الرجل الهندي حيًّا لم يصبه أذى ... وقد حاول بعض العلماء تفسير هذه الظاهرة فقال: إن (الأوكسجين) المحتوي عليه الصندوق يكفي للتنفس طول المدة التي يظل فيها تحت الماء وإن بخار الماء وثاني أوكسيد الكربون المتولدين من التنفس في هذه الفترة لا يكفيان لإحداث الاختناق.

وربما كان هذا التعليل صحيحًا ولكن لم يجرؤ أحد على اختبار صحته بطريقة علمية ...

ومهما كان السر في هذه العملية ... فإن هذا الساحر الهندي يعجز عن محاكاة أنثى الدب الأبيض، لأنه لا يستطيع أن يدفن نفسه في الجليد طول شهور الشتاء، ويعمل على استمرار تنفسه، ويدبر أمر تغذيته مع طفلين راقدين بجانبه ... ، ثم يخرج بعد ذلك حيًّا لم يمسه الضرر ... إلا أن في خلق الله أسرارًا تحار في إدراكا عقول البشر ونواميسِ أحكم الله وضعها وتنسيقها وصدق الله إذ يقول: (قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (٤٩) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) [طه: ٤٩، ٥٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>