للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قط صلى صلاة المغرب حتى يفطر، ولو على شربة ماء" أبو يعلى في مسنده وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وهو حديث حسن (١) .

* وجود مخزون من الطاقة في الجسم البشري، يكفي الإنسان حينما يمتنع عن تناول الطعام امتناعًا تامًا، لمدة شهر إلى ثلاثة شهور، لا يتناول فيها أي طعام قط، ولقد هيأ الله سبحانه هذا المخزون الهائل في جسم الإنسان ليمده بأسباب الحياة في وقت الحاجة، كما في الصيام، والمرض وفي أوقات الشدة، والحرمان من الغذاء، فالجلوكوز المختزن في صورة جليوكوجين في الكبد، والعضلات، يمد الجسم بالطاقة اللازمة له خلال الفترة الأولى من الامتناع عن الطعام، بينما تقدم الدهون المختزنة في الأنسجة الشحمية، والبروتينات المختزنة في العضلات، الطاقة اللازمة للجسم، في الفترات المتوسطة والطويلة من التوقف عن تناول الطعام (التجويع المطلق) .

وبناء على هذه الحقيقة يمكننا أن نؤكد أن الذي يتوقف أثناء الصيام، هو عمليات الهضم والامتصاص، وليست عمليات التغذية، فخلايا الجسم تعمل بصورة طبيعية، وتحصل على جميع احتياجاتها اللازمة لها، من هذا المخزون بعد تحلله، والذي يعتبر هضمًا داخل الخلية، فيتحول الجليوكوجين إلى سكر الجلوكوز، والدم والبروتينات إلى أحماض دهنية وأحماض أمينية، بفعل شبكة معقدة من الإنزيمات، والتفاعلات الكيمائية الحيوية الدقيقة، والتي يقف الإنسان أمامها مشدوها معترفًا بجلال الله وعلمه، وعظيم قدرته وإحكام صنعه.

ويمارس الإنسان بعد ٤ أيام من انقطاعه عن الطعام في المصحات الطبية - التي تعالج بالصوم الطبي، أو الانقطاع الكلي عن الطعام- حياته العادية، من السير والقراءة والكتابة، بل ويمارس التمارين الرياضية والسباحة، ولكن تحت إشراف طبي دقيق، ولا يشعر الإنسان بالتعب والإعياء إلا في الأيام الأربعة الأولى من انقطاعه عن الطعام، ولا يحس بالجوع المعتاد إلا في خلال هذه


(١) ابن خزيمة (٣/٢٧٦) حديث رقم (٢٠٦٣) ، وابن حبان (٥/٢٠٧) حديث رقم (٣٤٩٤) ، وأبو يعلى في مسنده (٤/٥٠) حديث رقم (٣٧٨٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>